أما بعد فيا أيها الأخوة الكرام الأحبة ويا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء تأييد هيئة كبار العلماء لما قررته المملكة العربية السعودية بأن يكون حج هذا العام 1441 هـ بعدد محدود جدا من داخل المملكة من مواطنين ومقيمين من الشعوب الإسلامية كلها حفاظا على صحة الحجاج وسلاماتهم وحفاظا أيضا على إقامة شعيرة الحج ومما يؤيد ذلك شرعا أولا : أن الحج مرة في العمر قال صلى الله عليه وسلم ( الحج مرة فمن زاد فهو تطوع )
ثانيا : الحج لمن استطاع إليه سبيلا قال تبارك وتعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) والاستطاعة هي الزاد والراحلة ومن المعلوم أن أغلب رحلات السفر موقفة بسبب هذا الوباء
ثالثا : أن الحجاج المفترضين يعني الذين يؤدون الفريضة مقدمين على المتنفلين يعني الذين يؤيدون النافلة كما أفتى بذلك العلماء ومنهم الشيخ / محمد بن عثيمين رحمه الله تبارك وتعالى الذي قال إذا اجتمع حجاج مفترضون ومتنفلون وضاق المكان قدم الحجاج المفترضون وكذلك قال رحمه الله بأن كفالة الحجاج غير القادرين على إقامة الحج كفالتهم لأداء الفريضة أولى من حج النافلة
رابعا : قال تبارك وتعالى ( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا ن من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ) ومن جملة ما يراد في هذه الآية الكريمة أمن البيت وتطهيره باتخاذ الأسباب لمنع انتشار الأمراض والأسقام كالعدوى التي تفتك بالأرواح في زمن الأوبئة
خامسا : الأحاديث الصحيحة التي تدل على وجوب الاحتراز من الأوبئة كقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يرد ممرض على مصح ) أي لا يدخل مريض على صحيح وقوله صلى الله عليه وسلم ( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( وإذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها )
سادسا : إن من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء حفظ النفوس قال تبارك وتعالى ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وقال تباركم وتعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما )
سابعا إن هناك عبادات جليلة أفضل من حج النافلة كما نص عليها حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم منها الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ومنها حضور مجالس العلم ولو كان عبر الوسائل الإلكترونية وغيرها وكذلك بر الوالدين وكذلك كفالة الأيتام والأرامل كما أفتى بذلك العلماء وهنا دائما نذكر قصة عبد الله بن المبارك الذي كان يحج سنة ويجاهد سنة ولما رأى في طريقة للحج أيتاما مع أختهم ليس لهم أحد إلا الله تبارك وتعالى فأعطاها وإخوانها من الأيتام مبالغ الحج كلها وعاد إلى بلده وقال عسى الله أن يكتب لنا أجر الحج في هذا العام فما أجمل أن تتبنى أمة الإسلام وخاصة أن أكثر الأيتام في هذه الكرة الأرضية هم من أبناء المسلمين للأسف الشديد فلذلك ما أجمل لهذا العام أن تتوجه طاقة الأمة لنكفل كل أيتام المسلمين فلا نبقي فيهم واحدا بإذن المولى تبارك وتعالى وكذلك بناء المستوصفات وشراء أجهزة التنفس والعلاجات لهذا الوباء في هذه الفترة من الأعمال الجليلة خاصة للدول الفقيرة في أفريقيا وفي آسيا من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ورابطة العالم الإسلامي كذلك والندوة العالمية للشباب الإسلامي وكلها لها حساباتها الرسمية في البنوك والحمدلله رب العالمين أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم آمين .
*دعبدالله بن علي بصفر الاستاذالمشارك بقسم الشريعةوالدراسات الاسلامية وامام وخطيب جامع منصور الشعيبي بجدة*