تلقيت خلال الأيام الماضية الكثير من الرسائل التي وصلتني على وسائل التواصل الاجتماعي تعقيبًا على مقالي المنشور في صحيفة مكة تحت عنوان “صراخ الشعراء”، والذي تحدثت فيه عمّا يطرحه بعض الشعراء؛ وخاصة شعراء النظم في المناسبات الاجتماعية، وطالبت فيه بضرورة الرقي بالمحتوى الشعري الذي يقدم في هذه المناسبات.
وقد وافقني الكثير ممن تواصل معي بعدم رضاهم عن الكثير ممايتم طرحه في الأمسيات الشعرية التي تقام في الزواجات مطالبين بضرورة الرقي بما يتم طرحه فيها.
الآراء تعددت حول ذلك ففي الوقت الذي حمل فيه الغالبية أصحاب هذه المناسبات المسؤولية عمّا يتم طرحه فيها من قصائد شعرية وصخب؛ كونها لاترقى للمستوى المطلوب وذلك بتهافتهم على الشعراء، ومطالبتهم بذلك ودفع المبالغ الماليه لهم مما أدى إلى تدني المحتوى الشعري.
فيما حمل آخرون الشعراء أنفسهم المسؤولية في تدني بعض المحتوى الشعري الذي يقدمونه للمجتمع في هذه المناسبات لبحثهم عن المال دون المراعاة لجودة ما يقدمونه.
مما أفقد الكثير منهم ثقة الجمهور وعزوفه عن متابعتهم، وتضجره مما يتم طرحه.
وهناك قلة حمّلت الجمهور جزء من المسؤولية؛ كونه يشجع ويتفاعل مع الشعراء على مايطرحونه في هذه المناسبات مبدين تخوفهم من تأثر جيل الشباب الذين يحضرون هذه المناسبات بما يطرح فيها.
ورغم اختلاف الآراء حول من يتحمل مسؤولية مايتم طرحه في هذه المناسبات الاجتماعية إلا أنها اتفقت على ضرورة الرقي بما يتم طرحه وتقديمه من محتوى شعري في هذه المناسبات.
وأرى أن تتولى وزارة الثقافة وضع ضوابط مناسبة لضبط المحتوى الشعري، مثلها مثل وزارة الإعلام، في تنظيم وتطوير ومراقبة محتوى وسائل الإعلام.
فقد أصبح من الضرورة تأسيس “رابطة للشعراء” يجتمعون تحت مظلتها سواء ترتبط بالأندية الأدبية أو الجمعيات الثقافية.
وقد آن الأوان بأن يقوم الشعراء بتأسيس روابط تجمعهم، وترتقى بما يطرحونه في المجتمع.
ولتكن هناك روابط متعددة لكل فن ولون من فنون الشعر.
فرابطة لشعراء النظم ورابطة لشعراء المحاورة ورابطة لشعراء العرضه…. وهكذا..
بحيث يكون لكل رابطة أعضاء مؤسسين، ومجلس إدارة يقوم بوضع سياساتها وتنظيم عملها وفق التصنيف المناسب، وتقوم هذه الروابط بخدمة أعضائها، وتدريبهم والرقي بما يقدمونه للمجتمع من محتوى شعرى ومراقبته مدافعة في الوقت نفسه عن حقوقهم ومطالبهم.
لقد أصبحت الحاجة ماسة لذلك فلامجال للعمل الفردي والعشوائية، ولابد من العمل الجماعي المنظم إذا ما رغب الشعراء في الحفاظ على قوتهم وتأثيرهم في المجتمع؛ خاصة بعد جائحة كورونا والتي سيتغير بعدها الكثير من العادات والتقاليد السائدة في المجتمع فعلى الشعراء أن ينتبهوا لذلك.
فالشعر جزء من موروثنا الثقافي، وله تأثير قوي في المجتمع، ويحظى بمتابعة عالية.
ولابد من السعي لرقيه وتطويره والمحافظة عليه.
لذلك أتمنى أن يكون هناك اجتماع موسع للشعراء لتشكيل هذه الروابط والتقدم للجهات المختصة لتأخذ الطابع الرسمي.
وقد تواصلت خلال الأيام الماضية مع أحد المسؤولين عن الشأن الثقافي، والذي رحب بهذه الفكرة مشيرًا أن إنشاء مثل هذه الروابط سيظبط الساحة الشعرية، ويرفع من مستوى الشعراء، ويجعل لهم صوتًا قويًّا ومسموعًا في المجتمع.
والآن الكرة في ملعب الشعراء، فالكثير منهم يتمتع بفكر ناضج ورؤية طموحة، وثقافة عالية.
لذلك أتمنى كما يتمنى غيري أن تقام هذه الروابط؛ لتساهم في تنقية الساحة الشعرية، وتنظيمها، والسعي لرقيها، وتقنينها بإشراف مباشر من وزارة الثقافة .
ويظل الشعراء هم المعنيون بذلك والمستفيدون من هذا التنظيم الذي سيساهم في تطوير مستواهم، وتوحيد صفوفهم، والدفاع عن حقوقهم وتسهيل أمورهم.
وسلامتكم…