تنتشر بين أواسط المثقفين ومن نحسبهم صفوة المجتمع الحسد وثقافة الإنتقاص من الآخرين وهذه العادة و الثقافة للأسف كانت شائعة في المجتمعات الجاهلة وغير المتعلمة ولكنها الآن انتشرت بين أواسط الجميع والمثقفين وهذه الظاهرة لا تجد من يتصدى لها وقد تعود إلى أسباب مختلفة ومتفرقة منها الحسد والحقد والغيرة أو بعضها علل نفسية.
وثقافة الإنتقاص من الآخرين والتقليل من شأنهم منافية للإخلاق والمروءة والشرف ومناقضة للدين وهذه من صفات المنافقين والحساد .
قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول :إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
فهل من الأدب حسد الآخرين و التكلم فيهم بغير حق سوى الحقد والحسد و الأغرب انه في بعض الأوقات لا تجد من يدافع عنهم وان وجدوا فعلى استحياء.
وكلنا نعلم ونعرف أن
الحسد أول جريمة عصي الله بها في الارض قال تعالى( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وذلك عندما حسد هابيل قابيل وقتله بغيا عليه وحسدا له ، فيما وهبه الله من النعم.
يقول عبد الله بن المعتز:
اصبِرْ على حسدِ العدوَِ
فإن صبرَك قاتلُـهْ
فالنارُ تأكلُ نفسَها
إن لم تجدْ ما تأكلُهْ
ولربما نال الفتى
بالصبر ما لم يأملُـه.
لله در الحسد ما اعدله
بدأ بصاحبه فقتله، قالها رجل بدوي ..للخليفة المعتصم بالله… (والمقصود هو وزير المعتصم)
واسوء مافي الحسد هو حسد الدعاة وطلبةالعلم و العلماء وقد رأيت الحسد منتشر بين كثير من الناس وبين أصحاب المهن المختلفة ورأيته بين الأقارب والأصدقاء والجيران وبين الاطفال والطلاب في المدارس.
ولكن لم أكن أتوقع أن أجده بين أصحاب الكلمة والقلم بين من احسبهم صفوة المجتمع.
وجدته بين من يمتهن وسائل التواصل الاجتماعي وفي السوشال ميديا وفي الصحافة والإعلام.
رأيت لوبي كبير يريد أن يلتهم الصغار.
رأيت التحاسد والتنافس الغير شريف
رأيت من يستأثر بالمعلومة والخبر لنفسه.
لايريدون أن يدخل في الحلبة غيرهم .
بل إن البعض لايسلم على الآخر عندما يلتقيه في محفل أو ندوة أو حتى رحلة عمل .
لا أدري لماذا هذا الحسد ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ بِحسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِر أَخاهُ المُسْلِمَ، كُلّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حرامٌ: دمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ رواه مسلم.
بقلم إبراهيم النعمي
عضو هيئة الصحفيين السعوديين وعضو رابطة الإبداع الخليجي وعضو جمعية المتقاعدين بمنطقة جازان