ليس بعد الشبابِ إلا المشيبُ
فتعالَيْ والثوبُ منكِ قشيبُ
كلُّ شيءٍ يغيب عنّا زماناً
ماعدا الحب حاضرٌ لا يغيبُ
أقبِلي فالهوى حياةٌ لقلبي
ودواءٌ لِعِلَّتي وطبيبُ
أنتِ ألهبْتِ في الحنايا غراماً
وجراحاً في مهجتي لاتطيبُ
أنا من شدة السكوتِ كأني
كالجمادات حينَ لا تستجيبُ
أنا كالعود لايفوحُ شذاهُ
إن توارى عن جانِبَيْه اللهيبُ
أنتِ نقَّبْتِ في دمي وعظامي
كيف يحلو لمثلك التنقيبُ
أنا محرابُك الذي فيه صلى
عاشقٌ مغرمٌ مُعنَّى حبيبُ
أقبِلي قبل أن أكون ككهفٍ
فيه تعوي الذياب ذيبٌ فذيبُ
انثُريني كحبَّةِ القمح نثراً
إنّ حقلَ الهوى فسيحٌ خصيبُ
واجمعيني لو ساعةً من شتاتي
ربما يأنسُ العظامَ دبيبُ
أنا حرفٌ يحتاج عندك ضمًّا
إنّ ضمَّ الحروفِ شيءٌ عجيبُ
اجعليني فرضًا بدونِ وضوءٍ
أو سبيلاً يمُرُّ منه الغريبُ
واسكبيني في ثغرك العذب لحناً
كانسكاب السحاب وهو مهيبْ
ربما عاد لي الشباب وإلا
عُدتُ من حيث ماأتاني المشيبُ