الصداقه الحقيقيه كالشجرة الوارفة الظل المتهدلة الاغصان والتي لايضمحل ظلهاولاتنفذ الشمس من خلال أغصانهاإلى جذعها وساقها مهما دارت حولها الظروف القاسيه التي عادة ماتقلب الاحوال عن وضعها الطبيعي إلى النقيض ، فالصداقة خلق رفيع لايتمتع به الا الموطؤن أكنافاًالذين يألفون ويؤلفون ، وهي علاقة حميمه بين متحابين متآلفين لا لمصلحه ولا لمطمع وأجود عراها وأمتنها وأدومها هي التي تكون فالله تعالى وبما يرضيه، قال أحدهم قولاً بليغاً في الصداقه الحقيقيه بأنها كالعلاقه بين اليد والعين اذا تألمت اليد دمعت العين واذا دمعت العين مسحت دمعها اليد حقاً مثال رائع، وقيل أيضاًعنها بأنها كالنقود ذهابها اسرع من بقائها طبعاً عند بعض الأصدقاء الذين تفتقر صداقتهم إلى مقومات الديمومه، ولاشك انها تبقيها الأشياء الجميله وتذهبها الأشياء السيئه ، وهي كذلك كالسلك الرفيع يقطعه الشد والجذب الغير مقنن ، والصديق الوفي كالعملة النادره صعب الحصول عليها وثمنها باهض . والصداقة عالم أخر مستقل بذاته علاقاته وسفاراته وقنصلياته تتميز بالصدق والوفاء والجد وتسهيل الصعاب وتذليلها وقضاء الحاجات بنفس راضيه ومستبشره وبدون رسوم وضرائب وجمارك ويقضي الصديق الوفي لصديقه مايقضي لنفسه وربما أكثر، والصديق المخلص الصادق له ميزة أخرى تميزه عن الصديق المتعارف عليه وهذه الميزه تكون عادة عفويه وسريعه وهي عدم التلكؤ او التفكير ولوللحظه واحده عند حاجة الصديق أونجدته أو فك كربته دون حساب للعواقب، ومما سبق فالصداقة الخالصه لاتدوم الا بين ذوي الاخلاق الساميه الراقيه فرقي الاخلاق وسموها يمنع صاحبها من مخالفة خلقه الحسن القويم ومن كل مايشوب سلوكه بأي شائبه ، والصداقة في الله تعالى تدوم مع المؤمن المتقي في الحياة الاخره قال الله تعالى (الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين) وتتجلا الصداقه بأسمى معانيها وأعلى مراتبها وأصدقها قولاً وفعلاً وأنفعها بالنفع اللازم والمتعدي بالصداقة الاشهر والاظهر والاطهر والاصدق (صداقة الصديّق ابي بكر لنبي الرحمه ذوالخلق العظيم محمد صلى الله عليه وسلم) قال الله تعالى( وإنك لعلى خلق عظيم) والتي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً من حيث الصدق والديمومه والإخلاص والمحبه والتضحيه بالنفس والمال فقد كانت أقرب إلى الخله حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لوكنت متخذاً خليلاً لاتخذت ابا بكر خليلاًأوكما قال صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أبي بكر الصديق وأرضاه .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٢/٥/١٨للهجره
المشاهدات : 49559
التعليقات: 0