قضاء حوائج الناس وجبر عثراتهم وكشف كرباتهم من اعظم الصفات الحميده ومن انجع الاعمال الصالحه ومن اقرب القرب الي الله تعالى وفي الحديث من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامه ، والله في عون العبد ماكان العبد في عون اخيه فهل يتصور احدنا شخص ضاقت به الحيل للحصول على مايسد حاجة له ملحه لاتقوم حياته وحياة اسرته الا بقضائها فكيف نتصور حالته عند قضاء حاجته وكيف نتصور حال من قام بقضائها وما يعتريه من السرور والبهجه وكأن الحاجة له وقيض الله له من يقضيها لاشك انه نفس الشعور، قال الإمام الشافعي رحمه الله أبيات شعرية في هذ الباب إذ يقول فيها :
وأفضل الناس مابين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
لاتمنعن يد المعروف عن احد
مادمت مقتدراً فالسعد تارات
وأشكر فضايل صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس اموات
هذا عند الناس أما ماعندي الله تعالى فأجل واعظم
فالله تعالى لايضيع مثل هذا العمل في الدنيا أو في الآخره قال الله تعالى(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) فمن الأمثله للجزاء الدنيوي للمعروف والبذل قصة جابر عثرات الكرام اذكان في الجزيره على عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك رجل سخي يدعى خزيمه بن بشر وكان ينفق على اصحابه واقاربه الا انه نفد ماعنده وضاقت عليه الحال فلزم بيته يقتات بما عنده من القليل وقد خذله من كان يواسيهم وينفق عليهم وقال لامراءته سابقى بالبيت حتى أموت وكان والي الجزيره عكرمة الفياض وقد افتقد خزيمه فسأل عنه فأخبروه بأنه ضاق عليه العيش فلزم بيته فلمامضى من الليل جله اخذ عكرمه أربعة آلاف دينار في صره وذهب إلى بيت خزيمه فطرق الباب فخرج اليه متثاقلاً فأعطاه الصره قال ماهذا قال مال يعينك قال من انت قال لم أتى بهذ الوقت وأنا أريدك تعرفني قال لا أخذها حتى تخبرني قال انا جابر عثرات الكرام ولما عاد عكرمه الي البيت أخبر زوجته بمافعل وإنه سمى نفسه جابر عثرات الكرام فلما صلح حال خزيمه ذهب إلى الخليفه في دمشق فأخبروه بقصته فأمر بتوليه ولاية الجزيره بدلاً من عكرمة وعندما تولاها اخذ يحاسب الوالي السابق الذي هو جابر عثرات الكرام فوجد نقصاً في الاموال لايعرف لها مصرف فسأل عكرمه فلم يبرر فكبله بالحديد وادخله السجن فلما علمت زوجته غضبت وذهبت الي الوالي فقالت اهكذا تفعل بجابر عثرات الكرام فقال ياسؤتاه اهو جابر عثرات الكرام قالت نعم فخرج الوالي بنفسه وذهب الي السجن وتذلل له وأخرجه من السجن وذهبا سوياً الي الخليفه فأخبراه فكفأهما ، وقصةلرجل هرب من قبضة بني اميه بالشام والتجأ الي صاحب ضيعه فأكرمه حتى انقطع عنه الطلب فزوده براحلة وزاد ليصل الي اهله بالعراق ثم ان هذا المطلوب صار حاجبا لاحد خلفاء دولة بني العباس وفي خضم العداوات بين الموالين للدولة الراحله والدولة القائمه كان صاحب الضيعه ضمن المطلوبين وقد قبض عليه واتي به الي الخليفة العباسي وحكم عليه بالقتل وقال للحاجب خذه عندك وأتني به غدا لاقطع راسه فأخذه وهو لايعرفه وعندما وصلا الي بيت الحاجب سأله ماقصتك فلما قص عليه قصته عرفه بانه صاحبه الذي انجاه من بني اميه واكرمه فضاقت الدنيا بالحاجب وقال له اهرب وانا اواجه مصيري مع الخليفه فرفض الهرب فقال اذا ابقى هنا وانا اذهب الي الخليفه فاشترى الحاجب كفناً فذهب الخليفه فلما رأه قال اين الرجل لاتقل هرب فوالله ان كان قد هرب لاقتلك فقال يا امير المؤمنين دعني اقص عليك قصته وبعدها احضره وتقتله فلما قص عليه قصتهما قال احضره لي فلما احضره قال عفونا عنك ووليناك امارة الشام ووصلناك بكذ وكذا فقال اما الاماره فارفضها فوصله وذهب حيث شاء معزز مكرم جزاء كشف كربة مكروب والقصص كثيره في التاريخ الاسلامي العظيم .
اللهم نفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين
وأكتب أجر كل من قضى حاجة مسلم اوجبر عثرته اوكشف كربته بالجزء الأوفى بالدنيا والاخره . والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينامحمد وآله وصحبه أجمعين
كتبه: بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٢/٦/١٥للهجره
المشاهدات : 37560
التعليقات: 0