العمل الخيري في العالم الإسلامي ذو تاريخ عريق من خلال الزكاة والصدقات والوقف والأحباس وغيرها. وقد قامت عليه جوانب كثيرة من حياة المسلمين من تعليم وصحة وموارد لبيت المال وغير ذلك.
لدينا في المملكة العربية السعودية نزوع متجذر نحو العمل الخيري بكافة صوره وأشكاله المتعددة وتأسس ذلك من خلال المعطيات الدينية والثقافية والاجتماعية التي جعلت من العطاء سلوكاً اجتماعياً عاماً يأتي بصيغ مختلفة تمثل في مجملها عملاً خيرياً وإيجابياً وعطاء يسهم في تعزيز التكافل الاجتماعي وسد حاجة المحتاجين.
وقد بينت الشريعة الإسلامية في معرض حرصها على تكافل أتباعها وتراحمهم حقوق العباد بعضهم مع بعض، وكان من هذه الحقوق أن الله عز وجل أوجب الزكاة على الأغنياء والموسرين أن يبذلوا مقادير معينة من أموالهم للفقراء والمحتاجين، كما حثت الشريعة الإسلامية على بذل المال في وجوه الخير المتنوعة على سبيل التطوع بالصدقة المالية، وبينت عظم الأجر المترتب على ذلك، فعمل الخير والإنفاق في سبيل الله عز وجل متأصل في نفوس أفراد المجتمع، غير أنه يأخذ أشكالاً متعددة كانت بدايته بالجهود الفردية في الإطار العائلي والقبلي ثم تطورت بظهور الجمعيات الخيرية بأشكالها المتعددة، والهدف والغاية واحدة هي خدمة الشرائح الضعيفة في المجتمع السعودي.
وتأتي جمعية البر بجدة في مقدمة الجمعيات الخيرية التي لا تدخر وسعاً في دعم المحتاجين، ومن أجل ذلك اتسمت مشاريعها بالتنوع والشمولية بغرض تغطية الحاجات الملحة للفقراء بقدر المستطاع.
وفي سبيل تحقيق غاياتها وأهدافها وتنفيذ مشاريعها الخيرية حرصت جمعية البر على أن تكون جميع أعمالها وأنشطتها بصورة نظامية وفقاً لقوانين البلاد وأنظمتها المختلفة الرامية لتنظيم وضبط العمل الخيري.
لذا فإن جمعية البر بجدة وغيرها من الجمعيات الخيرية بمختلف مناطق المملكة تعمل بتنسيق وتناغم تام مع جهود الدولة ممثلة في الوزارات و الجهات المعنية بتنظيم العمل الخيري وعلى رأسها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
ونحن في هذه المساحة نود أن نلفت الانتباه إلى واحد من أعظم الأنشطة الخيرية التي نتمنى من المنظمات الخيرية والجهات المانحة التوسع فيها ودعمها وهي تشييد وترميم منازل الفقراء والمساكين وخاصة الأرامل والأيتام، حيث أولتها العديد من الجمعيات جل اهتمامها وبذلت في سبيل ذلك جهوداً كبيرة ومقدرة، استشعارا منها لدورها المتعاظم في إيواء الاسر الفقيرة.
وفي هذا المقام نود الاشارة إلى ثمرة التعاون بين بعض الجمعيات الخيرية ومؤسسة وقف عبد الرحمن الجميح التي قدمت نماذج مبتكرة لتوفير مساكن اقتصادية للفقراء والأرامل والأيتام ببعض القرى والهجر بمنطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة.. وهي أعمال موثقة بالصور والفيديوهات لتحقيق مبدأ الشفافية وحتى يقف المتبرعون والداعمون على ثمار دعمهم وتبرعاتهم وأنها تحولت إلى فرحة غامرة وصنعت أمناً واستقراراً للأسر المتعففة .
وبطبيعة الحال، إن مثل المشاريع تحتاج لتمويل كبير نسبة لارتفاع تكاليف مواد البناء والتشيد، لذا فإننا من هذا المنطلق ندعو كافة رجال الأعمال والخيرين في بلادنا الحبيبة -وهم بفضل الله كثر- إلى بذل المزيد من التبرعات للجمعيات الخيرية بكافة مناطق المملكة حتى تضطلع بدورها العظيم والرائد في دعم وتفعيل أنشطتها المختلفة وخاصة في مجال بناء وترميم منازل الأسر المتعففة من أجل خلق مجتمع متكافل ومتعاون يشد بعضه بعضاً..
والله ولي التوفيق…
*عضو مجلس إدارة جمعية البر بجدة