يحب الإنسان الذكر الطيب والشرف والعلو والسمو ويميل إلى الإطراء ويعشقه فالنفوس جبلت على ذلك غالباً ولكل قاعدة شواذ فهناك من يخرج عن هذه القاعده سواءً في ماض الازمنه أوفي هذا الزمان فيأبى
ذلك على نفسه وهذا قليل ، الا ان هناك من يرتقي بنفسه عن مدح المتملق والمتزلف والمتسلق وهناك من ينخدع فيه ويضعف أمامه ويندرج تحت طائلته سواءً علم بذلك او انطلا عليه الأمر فركن اليه دون شعور
ويُذكر الإنسان بخلق حسن واحد اوبصفة نبيلة واحده
اويذكر بمجموعة اخلاق وصفات ويذكر في حياته وبعد مماته فالذكر الحسن للانسان عمر ثاني كما يقال ولاشك بأن الموفق من ذكر بخير حياً اوميتاً فالناس شهود الله في أرضه ولا عزاء لمن ذكر بشر وخلق سيء فقد يموت موت حيوان لايذكر بعد موته وهذا مشاهد ومعلوم فالذكر للصالح والنسيان للطالح وكل نفس بما كسبت رهينه والطريق واضح والسالك بصير فمن الناس من يموت ويبقى حياً بذكره بين الناس وعلى النقيض فهناك من هو حي معافا يصول ويجول ويتباها بجسمه المفتول وهو بين الناس ميت اومعزول لايذكر الابرويته بشحمه ولحمه واذا غاب عن العيون غاب عن القلوب .
وممايذكر فيه الإنسان ذكراً حسناً الأخلاق الحميده والتدين المعتدل الصحيح لاغلو ولاجفاء والبذل والعطاء ولين الجانب والتواضع والهدوء وحب المساكين وعمل الخير والصبر والحلم والحكمه والرحمه والكرم والشجاعه وصلةالارحام والاكتفاء بالحلال عن الحرام والبعد عن الخصام والعفو عن الناس الكرام والاحسان إليهم على الدوام كل هذه الخصال اوبعضها ذكر حسناً يحيا بها الإنسان محموداً ويموت مذكوراً أليس القدوة والاسوه في ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه (ورفعنا لك ذكرك) فقد بلغ ذكره صلى عليه وسلم سدرة المنتهى من فوق سبع سموات وفي الأرض بلغ مشارق الأرض ومغاربها بلغ مابلغه شعاع الشمس وما وصل إليه ضوء القمر صدق الله تعالى فقد بلغ ذكره مالم يبلغه احد من خلق الله تعالى وقال عن نفسه صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق ، نعم كان لدى العرب قبل البعثه مكارم اخلاق باركها الاسلام وحث عليها وكان سيدها وزعيمها محمد الأمين صلى الله عليه وسلم منذ نعومة اظفاره وقد زكاه الله تعالى فقال(وإنك لعلى خلق عظيم) ألم يقل لقريش يوم الفتح اذهبوا فأنتم الطلقاء رغم ماعملوه معه ومع دعوته وما اذاقوه من الكيد والاذى إنه الخلق العظيم ، ألم يقل لأصحابه عندما ادخل عليه عبدالله ابن أبي السرح تائباً بعدما اهدر دمه وأعرض عنه عدة مرات ليفهم الصحابه ويقتلوه فقال لماذا لم تقتلوه فقالوا لم نفهم ذلك منك الا أشرت لنا بأحد عينيك قال لم أكن لافعل ليس لنبي ان يكون له خائنة اعين اوكما قال صلى الله عليه وسلم إنه الخلق العظيم وهوالرحمة المهداه والنعمة المسداه أدبه ربه فأحسن تأديبه صلى الله عليه وسلم .
من مواقفه مع الصلة والصبر والحلم موقفه من عمه عبد العزى بن عبد المطلب المكنى بأبي لهب عندما كان يدعو الحجيج للدين الجيد وكان يتبعه عمه هذا فيقول لا تصدقوه فإنه كذاب وهو لايؤنبه ولايشتمه ولا يذمه
إنه الخلق العظيم .
إذاً الخلق الحسن حلية المؤمن وهندامه ورونقه يسر ولايضر لايتكلم الابخير ولايقول الاالصدق ويثبت عليه يحب الحق ويكره الباطل يحب في الله ويبغض في الله يبر ويصل ويعفو ويصفح ويحسن الحديث ويجيد الاستماع إليه لا لعان ولاصخاب ولانمام ولامغتاب بشوش مبتسم يتكلم بأدب ويسكت بهيبه لايقاطع متكلم ولايبدي عدم اهتمام ولايحول الحديث ولايصعر خده لصغير ولاكبير ولايتكبر ولايختال حياته ذكر حسن
متبع لامبتدع فالدين معامله وليس عبادات فقط
وهناك دروس بحسن الأخلاق في القرآن الكريم والسنة النبويه الشريفه نقطف نزراً من قطوفها الدانيه قال الله تعالى (ولكم في رسول الله إسوة حسنه) وقال تعالى
(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقال تعالى(ياأيها الذين أمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) وقال تعالى (ولاتصعر خدك للناس ولاتمش في الأرض مرحاً ان لايحب كل مختال فخور) وقال تعالى (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن انكر الأصوات لصوت الحمير) سئل صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم عن اكثر مايدخل الناس الجنه قال تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن اكثر مايدخل الناس النار قال الفم والفرج ، وقال صلى الله عليه وسلم ان من احبكم الي واقربكم مني مجلساً يوم القيامه احاسنكم اخلاقاً ، وقال عليه الصلاة والسلام اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنه تمحها وخالق الناس بخلق حسن
وقال صلى الله عليه وسلم ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش .
وقال الشاعر العربي :
إنما الأمم الاخلاق مابقيت
فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
وقال أخر :
الأم مدرسة اذا اعددتها
أعددت شعباً طيب الاعراقي
هذا هو ديننا الحنيف ومايتمتع به المسلمون لا المتأسلمون من أخلاق حسنه وصفات حميده جعلت الناس يدخلون فيه افواجا عند بزوغ نوره وإلى زماننا هذا فلله در من تمسك بأهدابه وطبق مايأمر به حق التطبيق وتطبع بمزاياه وتنور بنوره له فالدنيا حسنه وفي الاخرة حسنه .
ولا مقام لسيء الاخلاق سيء الذكر الذي لايألف ولايؤلف
يتجنبه الناس مخافة شره وسليط لسانه نفسه خبيثه متقلب الطباع يعكس المسار ولايقر له قرار ، نعوذ بالله القهار من شر الأشرار وكيد الفجار وفتن الليل والنهار
والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٣/١/١للهجره
المشاهدات : 44798
التعليقات: 0