قلم يستخرج الجواهر من بحوره؛ لتتسابق الكلمات على الألسن، ويُنار الليل الأسحم،
إنه أبي، بحر البيان الزاخر، شيخ المعارف وإمامها، ومن في يديه زمامها، لديه تنشد ضوال الأعراب، مالك أعنة العلوم وناهج طريقها، والعارف بترصيعها وتنميقها، المجيد لإرهاف العلم بجلائه، شخص يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، صاحب القلب المرهف، القارئ للمصنفات التي تدل على وفرة اطلاعه، وغزارة مادته، وحسن بيانه،
له في كل مكرمة غرة الإصباح، وفي كل فضيلة قادمة الجناح
له أخلاق خلقن من الفضل، وشيم تُشام منها بوارق المجد، أرج الزمان بفضله، وعقم النساء عن الإتيان بمثله، ماله للعفاة مباح، وفعاله في ظلمة قلبي مصباح، مناقب تشدخ في جبينها غرة الصباح، وتتهادى أنباءها وفودُ الرياح، حين أتحدث عن أبي، فكأني حركت المسك فتيقا، وصبحت الروض أنيقا، هو رائش نبلهم، ونبعة فضلهم، وواسطة عقدهم، له همة علا جناحها إلى عنان النجم، وامتد صباحها من شرق إلى غرب، همته أبعد من مناط الفرقد، وأعلى من منكب الجوزاء، موضعه من أهل الفضل موضع الواسطة من العقد، وليلة التمّ من الشهر بل ليلة القدر إلى مطلع الفجر، هطلت عليّ سحائب عنايته، ورفرفت حولي أجنحة رعايته، قد استظهرتُ على جور الأيام بعدله، واستترت من دهري بظلّه، قد أغرقتني نعمه حتى استنفدت شكر لساني ويدي، وتتابعت نعمه تتابع القطر على الفقر، واتسعت سعة البر والبحر، وأثقلت كاهل الحر، وأسرت قلبي إلى نهاية العمر.
عليك من الله سحائب الرحمة والرضوان يا أبي
د. هند خليل مروان