بسم الله الرحمن الرحيم
الناس يختلفون في تفكيرهم وفي فهمهم للاشياء وفي قراءة مابين السطور وفي تفسير معنى المبهم من الكلام ومعرفة خوافي المحتوى وتحديد الهدف على اختلاف واسع في هذا كله بين الناس حسب سعة تفكير المتلقي أوضحالته ومستوى علو ثقافته او دنوها وارتفاع درجة إدراكه أو انخفاضها والقدرة أوعدمها على التجرد من الهوى وحديث النفس وملازمة حسن الظن والتجاهل والتغافل وعدم ربط الأشياء ببعضها بمجرد ميل نفس سببه تنافس أو نزاع سابق او حالي اوكرها لشخص أوجماعة يؤدي الي توهّم مقصود غير وارد نتيجة توغل الظن الآثم وشوارد الأفكار التي يسوقها عدم الثقة بالمتحدث واعتقاد عدم حياده وعدم أخذ كلامه على ظاهره بل وأعتباره إن لم يكن معي فهو ضدي لمرض في نفوسهم وبالمثال يتضح المقال والمثال عبارة عن سؤال ؟ والسؤال يحتاج الي جواب والجواب يختلف من شخص إلى أخر حسب الصفات والقدرات التي أشرت إليها في السطور الفارطة وهنا نأتي الي السؤال :
هل مدح شخص أوجماعة بما فيهم من صفات وخصائص تبرزها الافعال والأقوال التي يعلمها الكثير من الناس يقتضي سب او تحقير او ذم شخص آخر أوجماعة آخرى دون ذكرهم أو حتى الإشارة إليهم من قريب اوبعيد وهل لهم الحق أن يتصوروا ذلك مجرد تصور او يبرزوه كتهمة مدعومة بحجج من بنات أفكارهم لا تستند إلى دليل واضح وصريح أوحتى مغلف بغلاف لغوي بلاغي غير ساتر ؟
الجواب :
لا فالمدح لايتجاوز معناه كمدح ولا يتعدى لغير الممدوح لابمدح ولاقدح حتى ولوكان الممدوح له خصوم فليسوا بالموضوع أبداً ولو تصور هؤلاء الخصوم ان مدح الخصم يقتضي القدح بهم أوهمزولمز لهم فلابدان في تفكيرهم قصور او في عقولهم لوثة أو بغاة لم يجدوا حجة يتحججون بها لتنفيس حقدهم الدفين ذلك الحقد ومرادفه الحسد الذي ربما يكون بلا سبب او له اسباب دنيوية تافهه لا ترقى إلى طرح التهم جزافاً وعلى عواهنها وبهذه الطريقة الفجة .
وأقول المدح والاطراء مطلوب ومندوب لمن يستحقه بأي من الصفات الحميدة التي يمدح فيها الإنسان ولاشك بأن أجدرها بالبيان التمسك بأهداب الدين الحنيف وتعاليمه وحسن الخلق وما ادراك ماحسن الخلق فهو من أرجى الصفات التي تدخل المسلم الجنة والبر بالوالدين وصلة الارحام ولين الجانب والابتسامة والبشاشة وطيب الجوار والاخوة الصادقة واكرام الضيف والشجاعة والمنطق السوي والصدقة والبذل والنفقة والاحسان الي الفقراء والمساكين ومساعدة الناس والمشي معهم في قضاء حوائجهم المادية والمعنوية
كل هذه وغيرها اذا مدح فيها الرجل اوبشيء منها فلا يعني ذلك سب أحد غيره حتى لو لم يكن فيه من هذه الصفاة شيء وحاضراً في المجلس أوالمنتدى الا ان كان ممن ينطبق عليه المثل القائل الذي في بطنه ريح لايستريح او الذي على راسه تراب يتحسسه .
فالمادح والممدوح والمتلقي والسامع في هذا الزمن بالذات يجب أن يكونوا على درجة من الوعي وحسن السمت والاستماع والثقة بالنفس وعدم تأويل الحديث فإن ناسب الكلام فذاك وإن لم يناسب فليدخل من أذن ويخرج من الاخرى وبهذا يتم احترام المجلس ومن به ولاضرر ولاضرار ومن المفروض أنه وحتى بعد مفارقة المجلس لا يتطرق الي بحث النوايا والمقصود بما سمعه فليس من المروءة والرجالة الخوض بما فات الا أن يكون حسناً .
ثم أين نحن من قول الله تعالى (ياأيها الذين أمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ) الآية وقال تعالى(ويل لكل همزة لمزة) الاية
وقول النبي صلى الله عليه وسلم (بحسب أمريء من الشر ان يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)
وقال صلى الله عليه وسلم (المسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولا يحقره)
وقال صلى الله عليه وسلم (لاتحاسدوا ولاتناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولايبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله أخواناً)
وأرجو أن تسمعوا وتقرأوا هذا الحديث بتمعن لنرى جميعاً من يستحق المدح والإطراء فعلاً
جاء رجل الي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال (من احب الناس الي الله يارسول الله واي الأعمال أحب الي الله فقال صلى الله عليه وسلم أحب الناس الي الله عزوجل أنفعهم للناس ، واحب الأعمال الي الله سرور تدخله على قلب مسلم أوتكشف عنه كربة أوتقضي عنه ديناً أوتطرد عنه جوعاً ثم يقول صلى الله عليه وسلم ولإن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ) الحديث
فهل بعد هذا شيء يستحق المدح والثناء ؟
والله أعلى وأعلم والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٤/٣/١٠ هجرية