الحريّة هي التحرّر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإمكانياته ، سواء كانت قيوداً مادية أو معنوية ، فهي تشمل التخلص من عبوديّة الذات أو الاشخاص أو الجماعات ، والتخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما ؛ لتنفيذ غرض ما..
.
في فترة الثمانينيات والتسعينات الميلاديّة ، تم اتهام كثير من متحرري الفكر في الوطن العربي والإسلامي بتهمة الليبراليّة ، رغم أنه مصطلح يدل على الحريّة والمساواة والعدل ..
.
وإذا عُدنا للخلف وبحثنا في مصطلح الليبرالية التي ظهرت كحركة سياسية خلال -عصر التنوير- عندما أصبحت تحظى بشعبية بين الفلاسفة والاقتصاديين في العالم الغربي ، وتحرص على حريّة الصحافة والتعبير والسوق الحرة والحقوق المدنيّة والدينيّة والمجتمعات الديمقراطيّة والحكومات العلمانيّة.
.
بينما مُثقفوا و مفكرو العالم العربي والإسلاميّ أرادوا من التحرّر والحريّة فقط فكرة العدل والمساواة وحريّة التعبير عن الرأي وطرح الأفكار دون تحجيم أو حصر أو قصر وبعيداً عن الدين الإسلامي الثابت الراسخ وبعيداً عن السياسة وإشكالياتها المختلفة ..
.
مع دخول الألفيّة الجديدة ، والانفتاح السريع على العالم وانتشار الشبكة العنكبوتيّة العالميّة وكثرة وتعدد وسائل وتطبيقات الاتصال التي فاقت وسائل (الاعلام القديم) المحصور في الصحافة ، والإعلام المرئي -التلفاز- والمسموع – الإذاعة- الواقعة تحت ضوابط الحكومات والدول..
تحوّل وتحوّر مفهوم الحريّة والتحرر “للأسف” وأتخذ طريقين و أنحصر بجانبين:
التعصب الفكري
و المظهر الخارجي..
.
فجانب “التعصب الفكري” ، ظهر واضحاً وجلياً في طرح الأفكار ، ما أن يتم طرح فكرة أو موضوع أيّاً كان نوعه : سياسي ، اقتصادي ، رياضي ، فني ، ثقافي ، اخباري ، علمي … ، في (الإعلام الجديد) أي مواقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك،تويتر،انستقرام،سناب شات، تيك توك،المدونات..)وغيرها ..
حتى نجد خلال الردود الشيء الذي يشيب له الرأس ، كميّة الهجوم والتعصب والتسفيه وسيل من الشتائم والسباب ، والكُل يدلوا بدلوه ، وكأن الحق له ..
.
من متى كانت الحريّة الفكريّة تسفيه الآخرين وعدم احترام الرأي الآخر وتقبله ومناقشتهُ بمنطق العقل لا بمنطق التعصب ..؟!
.
أما جانب “حريّة المظهر الخارجي” فحدث ولا حرج نجدها عند فارغي العقول من الوعي والثقافة ، و فارغي القلوب من النضج و الوقار و الحشمة ، و منسلخي السلوك من الدين والمبادئ والأخلاق ..
فهم الغثاء على مواقع التواصل الاجتماعي بمحتواهم المادي الغث ، في (المظهر) باستعراض الأجساد العاريّة المستنسخة بسبب عمليات التجميل المبالغ بها ، وما يحيط بهم من رفاهيّة زائفة ؛ يضحكون بها على صِغار العقول و أصحاب النفوس الممتلئة هلع ..
.
في (السلوك) الاستهبال بالرقص والضحك والملابس الغريبة والعبارات والتعليقات التافهه والمحتوى الهابط من هوس المقالب والألعاب الخطرة على النفس والغير ، وتقديم التافه الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع ، هدر للوقت فقط ، وتسطيح العقول..
.
أين نحنُ الآن من الحريّة الناضجة الواعيّة..؟!
.
مؤسف أن لا يتحكم الإنسان في حريّتهُ الفكرية والسلوكيّة بوعي ونضج ، من منطلق الدين والعقيدة والمبادئ والعادات والتقاليد ، مما تضطر الحكومات لفرض قوانين وعقوبات وغرامات ماديّة ومعنويّة ؛ تُحجم وتحكم هذه الفئة من البشر ..
.
رحم الله الإمام الشافعي ، حيث قال :
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا..
……………………………….
بقلم / أحلام أحمد بكري- مدينة جازان
سلمت يمنااااك 🌹❤️
سلمت ذائقتك الراقيّة❤️