عندما تكونُ جميلًا ترى الحياةً كذلك؛ قال لي صديقي الإعلامي الكبير/ حمد دقدقي عندما كان يخطُّ بخطه الجميل في مكتب الجريدة : إنني عندما أكتبُ أتخيلُ الحرفَ في أجملِ صُوَرهِ قبل أن تخطُّه يدي على اللوحِ أو الدفتر، وعلى الرغم من مرورِ ربع قرنٍ على هذه المقولة التي أضحتْ شعارًا عندي فإنها لم تبرح ذاكرتي، هذه المقدمةُ أوردها وقد حظيتُ بشرفِ حضورِ معرض الخطِّ العربي بجمعيةِ الثقافةِ والفنونِ بجازان مساء الخميس الـ٩من ربيع الثاني عام ١٤٤٤هـ بوجودِ الأديبِ الراقي الدكتور علي زعلة رئيس الجمعية والخطاط والتربوي علي حمود الحربي وكبير خطاطي جازان عبدالكريم الخواجي وماجد حملي وآخرون ووسطَ دهشةِ الحضورِ كانت للخطِّ دهشةٌ فريدةٌ ورائعةٌ قادتني إلى أن أتذكرَ العباراتِ الخالدةِ التي يخطها أبناءُ منطقةِ جازان داخلَ العُشَشِ على نحو : ياداخلَ الدارِ صلِّ على النبي المختار، والخطُّ يبقى زمانًا بعد كاتبه…. وكاتبُ الخطِّ تحت الأرض مدفون وغيرها، وإلى جانبِ الخطِّ كانت والدةُ الجميعِ ( غنية) يرحمها الله تتفننُ في جَعلِ النصفِ العُلوي من العُشش لوحةً تشكيلية رائعةً بفطرةٍ نادرةٍ تمزج فيها الألوانَ على شكلِ دوائرَ متناسقة الألوان في منظرٍ مدهشٍ لايزال في الذاكرة، ولم أستغربْ عندما رأيتُ خطَّ الرائعة الأستاذة/ شريفة وزميلاتها في المعرضِ بشكلٍ متقنٍ فهنَّ امتدادٌ للفتاةِ الجازانيةِ المبدعةِ في كل تفاصيلها.
لقد أمضينا وقتًا رائعًا مع الخط العربي الأصيل في وجودِ كوكبةٍ من الإعلاميين الكبار الذين طرزوا بحضورهم مساء الخط أمثال مهدي السروري وعثمان حنكيش وإبراهيم النعمي وغيرهم بالإضافة إلى نخبة من التربويين والأدباء والمثقفين ، أما الأستاذ عبدالكريم الخواجي فإنه لم يترك ليلةَ الخطِّ تمرُّ مرورًا عابرًا فقد كتبَ لكل مَنْ مَرَّ عليه بخطه العربي المتقن اسمَه ليسجل للتاريخِ خلودَ ليلةِ الخطِّ وليرسمَ في المخيلةِ جمالَ هذا الفنِّ الذي سيظلُّ ساميًا مادامتْ لغةُ الضادِ ساميةً باقية.
شكرًا جمعية الثقافة والفنون بجازان، والشكر لخطاطي وخطاطاتِ جازان الذين قدَّموا معرضًا يجب أن يشارَ إليه ويشكروا عليه غايةَ الشكر.
بقلم – محمد الرياني