بمناسبة ذكرى يوم التأسيس لهذا الوطن المبارك المعطاء الغالي سأكتب عن إحدى مكوناته والتي أعشقها وأعيش بها (محافظة الخرج العزيزة )خصوصاً وهذه الذكرى تهم جميع المواطنين بشتى مناطق الوطن ومدنه ومحافظاته ومراكزه وقراه وبواديه ولاشك بأن الكل يسعد سعادة كبرى بهذه الذكرى العطرة الجميلة ومن بين السعداء أهل هذه المحافظة محافظة الخرج وهي أحدى محافظات منطقة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية وتعتبر من أكبر ومن أهم المحافظات بالمملكة وتقع جنوب شرق العاصمة الرياض والتي تبعد عنها قرابة الثمانين كيلاً ، و مدينة السيح التي كان الملك عبد العزيز طيب الله ثراه قد أمر ببنائها لتكون عاصمةالخرج الإدارية والتجارية والاقتصادية والتي تقع متوسط المحافظة ويتبعها عدد كبير من المراكز والقرى والهجر والبلدات ، تحت إدارة أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود ومحافظ الخرج صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن محمد بن سعد بن عبد العزيز ال سعود .
وتعود تسميتها بهذا الاسم للعصور القديمة ويقال إسمها يعني الوادي الذي ينتج الغلة أو الارض التي تخرج منها الغلال والأقوات والمتاع ومن هنايكون إسمها مشتق من طبيعة أرضها ذات الموارد الطبيعية الكثيرة والخصبة ومياههاالوفيرةوماتنتجه وتخرجه من الحبوب والثمار والتمور والفواكه والخضار المتنوعة ولازالت كذلك . وفي العهد الحديث زادت خيراتها بإنتاج الألبان ومشتقاتها فهي عاصمة الألبان حيث يوجد بهاعدد من الشركات الكبرى لتربية الماشية وانتاج الألبان ، وهي أول من انتج الألبان بالمملكة وبذرة ذلك عندما أمر المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى بإنشاء مشروع الخرج الزراعي لتربية الماشية وإنتاج المحاصيل الزراعية والالبان عام ١٣٥٤ هجرية كما أنشيء بها عدد من مصانع انتاج اللحوم ومزارع الدواجن وعدد كبير من مصانع تغليف التمور ومشتقاتها ، وتعتبر المحافظة سلة غذاء مهمة ومتكاملة ويزيد من أهميتها قربها من أسواق العاصمة الرياض حيث يتم تصريف منتجاتها ومخرجات أرضها ومزارعها ، كما يعتمد عليها سكان العاصمة كثيراً كمتنفس لهم لإعتدال جوها في بعض الاوقات سواءً نفس المدينة أو المراكز والقرى والهجر التابعة لها وهي كثيرة وتمتاز أيضاً بأرضها الجميلة وأهلها الأجمل وهذه المراكز هي على سبيل المثال لا الحصر اليمامة والسلمية والهياثم والوسيطا والحريدي والبرة والبدع والسهباء والقطار والشديدة والرفايع والتوضحية والناصفة والرفيعة والفيحاء وغيرها . وتجاورها على بعد عشرة كليو مترات محافظة الدلم التي تعتبر عاصمة الخرج التاريخية وتتبعها ايضاً المراكز التالية نعجان والضبيعة والرغيب والمحمدي وماوان والعين وأوثيلان والحزم وغيرها ، ومن ميزات هذه الأرض الطيبة وجود عدد كبير من الأودية والشعاب التي تمر بالمحافظة وتكسبها مزيداً من الخصوبة وطيب الأرض وتزيد مخزونها من المياه بفعل جريانها بالسيول عند هطول الامطار مثل وادي حنيفة وادي الحنية وادي نساح وادي السهباء وادي ماوان وادي السوط وادي العين وادي أوثيلان وادي العقيمي وادي النعيّم وادي الحريق وغيرها من الشعاب والاودية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة .
وليست هذه المكانة لهذه الأرض حديثة زمانها بل كانت سلة غذاء بخيراتها من الحبوب والثمار لأغلب سكان الجزيرة العربية سواءً قبل الإسلام أوبعد الإسلام ، فعندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون للمدينة المنورة عانا أهل مكة وتجارها من قطع المسلمون لطريق قوافلهم التي تمدهم بالميرة من اليمامة ، ونستدل على أهميتها لأهل مكة بقصة ثمامة بن اثال الحنفي رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أمراء اليمامة عندما اعتقله المسلمون وأمكن الله منه وكان قد توعده النبي صلى الله عليه وسلم فربطه بإحدى سواري المسجد فمر عليه من الغد فقال ماعندك ياثمام قال يامحمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعفو تعفو عن شاكر وإن تسأل مال تعطه وكررها عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام وثمامة يكرر نفس عباراته ثم عفى عنه واطلق سراحه فذهب الى حائط قريب فأغتسل فرجع الى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ونطق الشهادتين وقال يارسول الله إنه كان ليس عندي أحد أبغض منك ولا من دينك ولا من بلدك والان والله ليس أحد أحب الي منك ومن دينك ومن بلدك وإني كنت ذاهباً للعمرة وانا مشرك فهل تسيرني للعمرة الان قال نعم فعلمه النبي صلى عليه وسلم طريقة العمرة في الاسلام فذهب الي مكة ملبياً فكان اول معتمر في الاسلام وأول من دخل مكة مسلماً ملبياً فأراد أهل مكة منعه من العمرة وإيذائه وأعتقاله فهددهم وأقسم بالله لا تأتيهم حبة من حبوب اليمامة حتى يأذن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفزعهم بذلك فهادنوه وداهنوه ومكنوه من أداء العمرة وبعدم إيذائه ثم توسلوا الي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحم الا شفع لهم عند ثمامة بألا يمنع تدفق حبوب وخيرات اليمامة من الوصول إليهم بسلام ، ففعل صلى الله عليه وسلم ، وقد إحتفظت أرض اليمامة بمكانتها هذه على مر العصور ومع الحكم السعودي كان لها دور بارز ومؤثر منذ قيام الدولة السعودية الأولى مروراً بالدولة السعودية الثانية ، وحتى نالت حظها لتكون لبنة من لبنات بناء صروح المملكة العربيةالسعوديةالاقتصادية والزراعية والسياحية والأمنية فقد كان لها مكانة مرموقة عند المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود ومن بعده من الملوك رحمهم الله جميعاً وحتى يومنا هذا ، فقد بنى بها رحمه الله قصره (قصر مشرف) المشهور الذي أصبح في قلب المدينة ومن اهم وأشهر الآثار في المدينة ويعتبر مزاراً لكل هاو من الأهالي والقادمين اليها للسياحة ، ويوجد بها قصرأثري أخر يقع شمال شرق المحافظة يسمى قصر ابو جفان بني على الطريق بين الخرج والأحساء لدواع أمنية واقتصادية في ذلك الوقت وهو من الآثار المهمة أهمية تدعو لزيارته والاطلاع عليه وعلى موقعه العجيب على حافة جبل وعر ومرتفع ، كما أمر الملك المؤسس رحمه الله تعالى بإنشأ مصانع للأسلحة والذخيرة بالمحافظة عام ١٣٦٨ هجرية كدليل كبير آخر على أهميتها عنده .
ومما تمتاز به المحافظة أيضاً كثافة سكانها إذ يقارب عددهم السبعمائة الف نسمة ، وبها من المصالح والمساجد والمرافق الحكومية المهمة الكثير كالمؤسسة العامة للصناعات العسكرية وقيادة المنطقة الوسطى العسكرية وقاعدة الأمير سلطان الجوية كأكبر قاعدة جوية وجامعة الأمير سطام وكثير من المرافق التعليمية والصحية والرياضية والشركات الصناعية العسكرية والمدنية وبها مدينة صناعيةحديثة ولاتعدم بهاالحدائق والمنتزهات منها ماهو اثري قديم كمشتل الخرج المشهور ومنها ماهو حديث وعلى أحدث ماتوصل إليه بناء الحدائق والمنتزهات كما تتوفربالمحافظة أغلب المولات والشركات التجارية الحديثة إضافة الى الحركة العمرانية الملفتة ذات الميادين الفسيحة والطرق الحديثة التي تربط المحافظة ببعض مناطق المملكة الاخرى وببعض دول الجوار كدولة الكويت ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان .
وتعتبر من أول مدن المملكة أستفادة من السكك الحديدة حيث تمر بها سكة الحديد التي تربطها بالعاصمة الرياض غرباً وبالمنطقة الشرقية شرقاً .
ويوجد بها من الآثار القديمة ما يؤكد أهمية المنطقة على مر العصور والازمان ومنها مدافن آثارالبنة باليمامة وأثار السليمة كبرج كوت الجهل ، وكذلك آثار القنوات الزراعية القديمة بالمنيصف بالقرب من الهياثم وعيون الخرج المشهورة التي رغم جفافها تعتبر مزاراً معتبراً في المحافظة وقريب منها مدافن عيون الخرج الأثرية وكماذكرت آنفاً هذا كله كأمثلة وليست للحصر فهناك الكثير والكثير من الآثار التي لايتسع المجال لحصرها لذلك ذكرنا الاهم منها تقريباً وهي تمثل مختلف العصور ولمختلف الاقوام الذين استوطنوا هذه الأرض أو مروا بها برحلات كرحلتي الشتاء والصيف من اليمن إلى الشام وبالعكس ورحلات أخرى مرت بها من الحجاز الى هجر والبحرين وبالعكس من تجار وحجاج ورحالة وغيرهم .
وما ذكرت يعتبر غيض من فيض مما تتميز به هذه المحافظة وماتنفرد به في بعض المميزات وما تماثل به بقية محافظات هذا الوطن الغالي في هذا العهدالزاهرالميمون عهدخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمدبن سلمان آل سعود رجل المرحلة وعراب الرؤية وحكيم السياسة والاقتصاد عهد الانطلاقة الحقيقية الي مصاف دول العالم الاول في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية والصناعية والفكرية والتعليمية والصحية
والعسكرية ، ولايزال للمجد بقية وللطموح هوية فليس للمجد سقف ولا للطموح وقف .
حفظ الله تعالى على بلادنا دينها ومقدساتها وارضها ومقدراتها وقادتها ووفقهم لكل مافيه خير وصلاح وتقدم ورقي ومنعة وعلو وهيبة
اللهم آمين والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٤/٨/٣ هجرية