احتلت مواقع التواصل الاجتماعي ( السوشيل ميديا ) الحيز الأكبر من حياتنا المعاصرة، حيث انشغل الكثيرون من الرجال والنساء بها إلى درجة الإدمان عليها، وقضاء الأوقات الطويلة بها، والانشغال عن شريك الحياة، بل جعلها البعض مهربا من إمضاء الوقت مع الطرف الآخر بسبب عدم وجود التواصل والتحاور مما وسع الهوّة بينهما بدلاً من التقارب، والتحابب، والمؤانسة، فظهرت سلوكيات غريبة على مجتماعتنا العربية، وأعرافنا الوطنية، حيث أصبح من السهولة بمكان تواصل الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وتحدث بعضهم مع بعض بلا حواجز ولا قيود؛ مما أدى إلى جعل هذه السلوكيات الدخيلة تعكر صفو الحياة الزوجية المبنية على السكينة، والمحبة، والمودة ،ولذا نجد لهذه المواقع أثرا بليغا في تشتيت الأسرة، وتفكيك أواصرها، وتدمير العلاقات الزوجية باللجوء الى الطلاق.
وقد لمسنا في مجتمعنا غياب روح العاطفة بين الأسرة، على الرغم من حضور الأجساد؛ حيث يمسك كل فرد هاتفه، وينزوي في مجلسه متصلاً بالعالم الافتراضي الخارجي، متناسياً وجود من حوله، فنجد البعض يشعر بالملل عند الجلوس مع أفراد أسرته، أو عند الزيارات العائلية؛ مما يغرس في نفسه الشعور بالاستغناء عمن حوله ولو أدى ذلك الى الانفصال عن شريك حياته.
وقد تعاظمت هذه الظاهرة حتى أصبحت واقعاً تعج به أروقة المحاكم طلباً للانفصال. ومن الأمثلة المؤلمة أن ترى امرأة تقبل التنازل عن حضانة أبنائها مقابل تعلقها الشديد بمواقع التواصل الاجتماعي والإدمان عليها، فأي قلب تحمله هذه الأم وأي رحمة نزعت منها حتى تفضل مواقع التواصل على فلذة أكبادها،
وفي المقابل نجد رجلاً منغمسا في مواقع التواصل، مضيعاً من يعول، منسلخاً من مشاعر الأبوة ومن حنان الزوج، منساقاً في هذه المواقع وراء أوهام كاذبة، وعلاقات ماجنة تؤدي به الى البعد عن أفراد أسرته، فليحذر أبناء مجتمعنا فالأمر عظيم المخاطر والتبعات والمصاب جلل .
المشاهدات : 43294
التعليقات: 0