أكد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، أن العالم العربي يواجه تحديات بيئية كبيرة؛ نظرًا لوقوع 90% من بيئاته ضمن المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، داعيًا إلى التكاتف العربي والتنسيق لتحديد المسارات والحلول المستدامة في مواجهتها.
جاء ذلك خلال كلمة معاليه في افتتاح أعمال الدورة الثالثة والأربعين للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)؛ التابع لجامعة الدول العربية؛ التي أقيمت اليوم في الرياض برئاسة المملكة العربية السعودية، وبمشاركة عدد من الوفود العربية.
وأوضح الوزير الفضلي، أن التحديات البيئية التي تواجه المنطقة العربية، تتمثل في؛ شح المياه وزيادة مستويات الجفاف والتصحر، وتدهور الأراضي والبيئة، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، والتزايد المستمر في عدد السكان، وتغير أنماط الاستهلاك، زيادةً على الصراعات، وتفشي الأوبئة، واضطرابات سلاسل توريد الأغذية، مؤكدًا أن هذه التحديات تشكل تهديدًا إضافيًا على استدامة النظم الغذائية الحالية، والأمن الغذائي في المنطقة.
وأضاف معاليه، أن المملكة من واقع رؤيتها الطموحة 2030م، تسعى إلى تعزيز الجهود الإقليمية والعالمية الرامية إلى تطوير واستدامة البيئات الجافة والقاحلة، بإطلاق العديد من المبادرات البيئية؛ كمبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، ومبادرة الحد من تدهور الأراضي وفقدان الموائل، مؤكدًا أن المملكة أولت أهمية قصوى لحماية وتطوير الموارد الحيوية من مياه وأراضي وتعزيز التنمية الزراعية والاستدامة البيئية.
وأشار المهندس الفضلي، إلى أنه تم تنفيذ عدد من البرامج والمبادرات والمشاريع الخاصة بالاستراتيجيات القطاعية لتحقيق الأهداف الوطنية؛ للمحافظة على جميع النظم البيئية؛ البرية والبحرية والغلاف الجوي، وتحقق الالتزامات الوطنية تجاه الاتفاقيات البيئية الدولية، وأهداف التنمية المستدامة، وتنمية الغطاء النباتي الطبيعي، وزيادة المساحات الخضراء، ومكافحة التصحر، وإعادة تأهيل المراعي الطبيعية والغابات المتدهورة، والحد من فقدان الموائل، والمحافظة على التنوع الأحيائي، ومكافحة التغير المناخي والتخفيف من آثاره.
ولفت معاليه، إلى أن قطاع المياه في المملكة، شهد تبنى الإدارة المتكاملة لموارد المياه، والعديد من البرامج والمشاريع الرامية للمحافظة على موارد المياه وتنميتها وتحسين ورفع كفاءة استخدامها، وتطوير ممارسات وتقنيات الري، وزيادة حصاد مياه الأمطار، وتعزيز استخدام المياه المعالجة في قطاع الزراعة؛ الذي شهد تنفيذ برنامجًا رائدًا لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق الريفية، وتحسين سبل العيش لأصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة من خلال التنمية المستدامة للزراعة في الريف، وتطوير حصاد مياه الأمطار، وتأهيل المدرجات الزراعية والنظم الإيكولوجية وتعزيز استدامة الأراضي الزراعية، وتطوير المنصات الرقمية لتحسين خدمات وأنظمة الإرشاد الزراعي لأصحاب الحيازات الصغيرة.
وأكد الفضلي، أن البرامج والمبادرات والمشاريع التي أطلقتها المملكة، حققت نتائج ساهمت في زيادة الإنتاجية الزراعية ودخل المزارعين، وتوفير فرص العمل، والاستخدام المستدام للمياه (التي انخفضت بأكثر من 40% في الزراعة)، إضافة إلى استعادة النظم البيئية والأيكولوجية، متمنيًا أن تحقق أعمال الدورة الحالية النجاح المرجو، وتسهم في تعزيز التعاون المشترك؛ وصولًا إلى تطوير البيئات القاحلة والجافة، وتلبية تطلعات شعوب المنطقة العربيّة.
من جانبه أشاد المدير العام لـ “أكساد” الدكتور نصر الدين العبيد، بدور المملكة في دفع مسيرة الخير والتعاون، وتعزيز العمل العربي المشترك، منوهًا كذلك بالدور البناء والداعم الذي تضطلع به الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ممثلة بالقطاع الاقتصادي، لمساندتهم ودعمهم الدائم للمركز لتحقيق اهدافه المنشودة.
وأوضح العبيد، أن التغيرات المناخية القاسية في السنوات الأخيرة، وشح المياه، وبروز الازمات العالمية، أثرت على العملية الإنتاجية واستدامة الغذاء في المنطقة العربية، ما يضع على كاهل الدول العربية تحديات كثيرة نحو تحقيق الأمن الغذائي والمائي، والذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مؤكدًا أن “أكساد” يبذل المزيد من الجهود لإثراء أعماله نوعًا وكمًا، من خلال مواكبة التطورات والمستجدات العالمية، وترسيخ المنهج العلمي في مختلف أنشطة المركز البحثية والدراسية والإرشادية، والتوسع في تنفيذ هذه الأنشطة في كافة أرجاء الوطن العربي، وتوفير البيئة المناسبة للإبداع والابتكار لتحسين وتطوير الأساليب الإدارية والفنية للوصول الى النتائج المستهدفة.
وأكد المدير العام، أن المركز يمضي قدمًا للوصول إلى أهداف المبادرات العالمية للتنمية المستدامة، وتنفيذ مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- حفظه الله-، لجهة رؤيته الدقيقة تجاه التعامل مع قضايا التنمية والتغيرات المناخية وفق أرفع وأحدث المعايير العالمية، والتوجه نحو التعافي الأخضر، وصولاً إلى النمو الأخضر والاقتصاد الأخضر، حيث قدم “أكساد” في هذا الإطار ثلاثة مشاريع تنفيذية للمساهمة في تحقيق هذه المبادرات، مضيفًا أن المركز نجح في تنفيذ 32 مشروعًا ونشاطًا؛ اسهمت في دفع مسيرة التنمية الزراعية العربية، وحققت إيرادات صافية للمركز العربي وصلت الى حوالي 4 ملايين دولار، مؤكدًا على بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأمن الغذائي والمائي في المنطقة العربية.
بدورها قالت المشرفة على قسم المنظمات العربية بإدارة المنظمات والاتحادات العربية في جامعة الدول العربية الدكتورة علا البدري، إن “قمة التجديد والتغير” في جدة، عقدت في ظل مرحلة معقدة تشهد تحولات كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، حيث أكدت على تفعيل الدور العربي، والتمسك بالمصالح العربية كمعيار للمواقف الدولية، والتنسيق والتعاون والعمل الجماعي، لتعزيز المواقف العربية في مواجهة التحديات الراهنة.
وأكدت البدري، على أهمية دور المنظمات العربية والمختصة، كأذرع فنية لجامعة الدول العربية، مع التركيز على مجالات ريادة الأعمال، والتنمية المستدامة، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والتغيرات المناخية، مشيدةً بإنجازات “أكساد” في تحقيق مركز غير مسبوق من التمويل الذاتي، وتعزيز العلاقات مع مختلف المنظمات ومؤسسات التمويل العربية والدولية، إضافة إلى مواكبة التطور العلمي والتقني، وإصدار الدراسات الفنية والاقتصادية في مجال التحسين الغذائي لسلالات الأغنام والماعز، واستعمالات المياه المعالجة، بجانب تنفيذ العديد من المشاريع بالتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية.