مع كل أزمة بيئية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، تظهر العلاقات العامة في الواجهة، فالأزمات والمشكلات كانت من الأسباب الرئيسة لتطور وازدهار صناعة العلاقات العامة، حيث يتعاظم دورها عندما تواجه الحكومات أو المؤسسات أزمة ما تهدد وضعها وقدرتها على العمل والمنافسة، أو تهدد بقاءها، وتؤثر على صورتها الذهنية.
واعتبرت W7Worldwide للاستشارات الاستراتيجية والإعلامية، الحائزة على جوائز إقليمية وعالمية، في تقرير لها بعنوان “العلاقات العامة.. استراتيجية فعالة لإدارة أزمة المناخ وحماية الكوكب”، أن أزمة تغير المناخ في الوقت الراهن، من أكبر وأشد الأزمات التي تعصف بكوكب الأرض، ويصارع العالم بأسره تداعياتها مثل زيادة في الفيضانات، والجفاف، والأمطار الغزيرة، وارتفاع درجات الحرارة. (لقراءة التقرير، يرجى الضغط على الرابط: https://bit.ly/3DfP9uT)
حقائق مرعبة
وأشار التقرير إلى أن الحقائق والأرقام المفزعة لتداعيات تغير المناخ، تظهر خطورة الأزمة، وضرورة تكاتف الجميع لمواجهتها، إذ إن 90٪ من الكوارث مرتبطة بالطقس والمناخ، كما أن خسائر الاقتصاد العالمي بسبب تغير المناخ تقدر بـ178 تريليون دولار خلال الـ50 عاماً القادمة.
وليس ذلك فحسب، فتغير المناخ يدفع 26 مليون إنسان بالعالم إلى براثن الفقر، ويقف 41 مليون شخص على حافة المجاعة بسبب هذه الأزمة، كما سيُجبر 140 مليون إنسان في إفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا على الهجرة داخل مناطقهم بحلول عام 2050، وفقا لتقديرات البنك الدولي.
التواصل رسالة أساسية
وشدد التقرير على أن هذا الوضع المأزوم، والحقائق المفزعة، جعلت التواصل الفعال رسالة أساسية، وذات أهمية أكبر من أي وقت مضى، سواء للأعمال التجارية أو إنقاذ الكوكب، وبات دور محترفي الاتصالات وشركات العلاقات العامة أمرا ضروريا في هذه الأزمة، وهو ما أكده ديفيد أتينبورو، عالم الطبيعة البريطاني الشهير، بقوله: “أصبح إنقاذ الكوكب الآن قضية اتصالات، حيث تلهمنا أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة (SDGs) لأخذ زمام المبادرة في مجال الاتصالات المتعلقة بتغير المناخ لاتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره”.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن تغير المناخ يحدث بسرعة أكبر مما كنا نخشى، حيث زاد متوسط درجة الحرارة العالمية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ عام 1880م، ورغم أن هذه الزيادة الصغيرة ظاهريا إلا أنها يمكن أن تسبب فوضى مناخية في العالم.
استطلاع
أظهرت نتائج استطلاع أجرته الرابطة الدولية للعلاقات العامة (IPRA) العام الماضي 2022م، تعاظم دور العلاقات العامة في مواجهة تغير المناخ، وأنه أمر أساسي للعلاقات العامة، حيث توقع 81٪ من المُستطلع آراؤهم، أن تزداد أهمية تغير المناخ في عملهم خلال العامين المقبلين، وقال 90٪ منهم أن مهنة العلاقات العامة تتحمل مسؤولية معالجة تغير المناخ، وأشار متخصصو العلاقات العامة إلى أن التعامل مع العملاء في العمل المناخي هو مسؤولية رئيسة.
وترى IPRA، أن نتائج الاستطلاع بمثابة دعوة لتأكيد دور العلاقات العامة في إحداث تأثير عالمي في هذه الأزمة، وهو ما يتطلب توافر مجموعة مهارات تتسم بالتعقيد والتغير لدى ممارسي الاتصالات لتوصيل رسالة الاستدامة، وسد الفجوة المتزايدة في المهارات بصناعة العلاقات العامة، وتدريس تلك المهارات.
معركة التثقيف
ولأن دور العلاقات العامة يظهر في الأزمات، ولأن تغير المناخ أصبح تهديدًا عالميًا متزايدا، يُطرح سؤال مهم، مفاده ما دور العلاقات العامة ومسؤولي الاتصال في مواجهة التحدي الضخم الذي يواجهونه لإنقاذ الأرض؟.
ورأى التقرير، أن التواصل بشأن أزمة المناخ بات ضروريا، وأن دور صناعة العلاقات العامة شديد الأهمية في هذه الأزمة، من خلال تثقيف المجتمع بالقضايا المتعلقة بالمناخ والاستدامة، وحشد الناس لاتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة، والمساهمة في تحقيق الاستدامة البيئية على كوكب الأرض.
كما أن على محترفي العلاقات العامة، أن يكونوا على دراية تامة بعلم تغير المناخ، وتسليط الضوء على أهم النقاط فيه، ومعرفة أضرار الأزمة، ومساعدة المجتمع على الانتقال إلى صفر كربون، ودعم المؤسسات في رحلتها لتصبح أكثر استدامة، من خلال تقديم المشورة لأصحاب العمل والعملاء بشأن تغير المناخ، والتواصل الفعال مع الجمهور وأصحاب المصلحة، وتضمين الممارسات المستدامة كجزء من استراتيجية التواصل.
دليل تواصل
وكانت W7Worldwide سباقة في إدراك دور العلاقات العامة في حل أزمة المناخ، وأنتجت في 2022م دليل اتصال بعنوان “7 استراتيجيات تواصليّة للتعافي من Covid-19 في مرحلة ما بعد مؤتمر التغيّر المناخي COP26″، لمساعدة الشركات على صياغة استراتيجيات تواصل تجعل الاهتمام بالبيئة ضمن المسؤولية الاجتماعية، وأن تصبح الاستدامة جزءًا من هذه الاستراتيجيات.
ويلبي الدليل حاجة الشركات في تثقيف الناس بالأهداف الجديدة المتعلقة بالاستدامة لحل أزمة تغير المناخ، وأن يكون التركيز على الرسائل الإيجابية في الاستدامة، وأن تتسق إجراءاتها في المسؤولية الاجتماعية لحماية الكوكب مع علامتها التجارية، وأن توائم رسائلها واتصالاتها مع أهداف مؤتمر COP26 في السنوات القادمة، حيث حدد المؤتمر جدول أعمال الاستدامة.
حياة أفضل
أوضح تقرير” العلاقات العامة.. استراتيجية فعالة لإدارة أزمة المناخ وحماية الكوكب”، أن تحويل الحياة إلى الأفضل أصبح من أولويات صناعة العلاقات العامة، ويُعد تحمل مسؤوليتها تجاه البيئة، وتحقيق الاستدامة أمرا بالغ الأهمية في ظل أزمة تغير المناخ، وحان الوقت لتقوم العلاقات العامة بدورها في مواجهة تغير المناخ، ووضع الحكومات في حالة تأهب، وإحداث تغيير ملموس في تصورات الناس بشكل عام والمهنيين والحكومة بشكل خاص حول الأزمة، والتوعية من تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركات، وإنشاء مجموعات العمل المناخي داخل القطاع لوضع نهج عالمي متكامل مع خطة اتصال قوية.
إن قوة العلاقات العامة لا تكمن فقط في تثقيف الجماهير، ولكن أيضا في تحويل الجمهور إلى عنصر نشط، وإيقاظ الناس من سباتهم لفهم خطورة الوضع الراهن، والقيام بواجبهم للتخفيف من أزمة المناخ.