يوم التوحيد
يقول الشاعر العربي :
جلجل الحق في ربوع الرياض
لاهب الوقد عـارم الانقضاض
وانتشى العز شامخـاً يتغنـى
بالبطولات والنـدىٰ الفيـاض
لقد كان بزوغ شمس الخامس من شوال عام 1319 هـ الموافق 15 يناير 1902م بداية انطلاقة عهد جديد في تاريخ الجزيرة العربية فما أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله وطيّب ثراه- من فتح الرياض عاصمة ملك آبائه وأجداده حتى واصل ملاحم البطولة على مدى 32 عاما تم له خلالها توحيد أجزاء المملكة وإعلان قيامها دولة موحدة محققا بذلك ما كان يطمح إليه أبناء هذه البلاد من وحدة ووئام وسلام فقد قامت المملكة العربية السعودية على قواعد ثابتة أساسها التوحيد وتحكيم كتاب الله الكريم وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وانطلقت مسيرته الحضارية مختصرة مراحل الزمن لتتبوأ خلال عقود قليلة مكانتها البارزة التي تحتلها في العالم اليوم ،وعن مسيرة الملك عبد العزيز وجهاده لتوحيد المملكة يقول الكاتب الإنجليزي كنث وليمز : ( من النادر أن تجد رجلا تجمعت فيه المزايا التي تجمعت في ابن سعود فهو جندي موفق ظافر ، ومصلح مبدع مبتكر ، وتقي ورع صالح ، وإنسان لطيف مهذب ،وجواد سخي سمح ،وراسخ وطيد متين ، وذكي حاذق لبيب ، وشجاع جريء مقتحم ، نبيل في تواضعه ، جليل في احتشامه )، ويقول عنه المستشرق المجري عبد الكريم جرمانوس : (يجمع في طبيعته روح الحرب وروح السلم ، لا يقاتل الناس ولا يعتدي عليهم ، وإنما يحارب الجهل ويقاتل الجمود ،ويكافح التأخر)، ويقول المستشرق الأمريكي إس تويتشل : ( يعتبر ابن سعود باتفاق آراء الناس ، رجلا ذا حكمة واستقامة ، وقد زادت في شهرته وشعبيته صفات العدل والكرم وحسن الضيافة )، ويقول المؤرخ الألماني داكوبرت فون مبكوش : (نجح ابن سعود أيما نجاح في إيجاد الحلول لكل مشكلة ،والتوفيق بلباقة بين المتناقضات هادفا إلى إيجاد طريق وسط بين الرجعية والتقدمية العصرية بحيث تفيد بلاده من جميع المستحدثات العصرية دون المساس بالدين أو بالتقاليد أو العادات الموروثة وهو أمر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تضم مكة وفيها الكعبة قبلة المسلمين ،وعليها أن تكون أكثر الأمم الإسلامية تمسكا بأحكام الدين والقرآن الكريم ) ،أما الفرنسي موريس جورنو فيقول : ( إذا كان ابن سعود قد نجح في لم ّ شعب الجزيرة العربية تحت لوائه وإذا كان قد جعل من بلد مضطرب آهل بالعصابات ، بلدا أكثر أمنا في العالم ، فمرد ذلك ليس قوة السيف فحسب ، بل لأنه سكب في أعماق الأمة الناشئة أقوى عوامل التراص والتماسك أي التقيد الشديد بأحكام القرآن ، فالجرائم التي ترتكب حاليا في السعودية خلال عام كامل أقل مما يرتكب في باريس خلال يوم واحد )،وقد مزجت ( أسطورة التوحيد )- كما يقول عبد الرحمن الشبيلي – العمق الإيماني مع الدهاء السياسي وفن الإدارة وبعد النظر ووضوح الهدف والرؤية، والإقدام العسكري، واحتواء الأعداء، وتأليف القلوب، واصطفاء الرجال والإغداق النديّ، ومكارم الخصال حتى أضحت محل اهتمام كبار الشعراء والمؤرخين لتوثيق تفاصيلها ورصد ملامحها ومشاهدها، وفي الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام تحتفل الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية بيومها الوطني تخليدا لذكرى توحيد المملكة في كيان واحد ، ودولة قوية متماسكة الأركان بقيادة المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله وطيب ثراه – وذلك في عام 1932م حيث أعلن توحيدها تحت اسم المملكة العربية السعودية والتي تحتل مكانة مرموقة في التحديث والتطوير ومواكبة روح العصر في شتى الميادين فهي تستعين بكل معطيات التقنية الحديثة للوصول إلى أهداف التنمية الشاملة إذ تتوخى خطط التنمية الاقتصادية في المملكة تحقيق عدد من الأهداف أهمها الحفاظ على القيم الدينية والروحية والأخلاقية وتنمية الموارد البشرية ، وفي ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية نذكر مسيرة الخير والكفاح والجهاد والإصلاح في هذا البلد الطاهر الذي تعجز الأقلام عن وصف منجزات قادته واستمرت مسيرة الخير في البناء والتوحيد والتعمير والتشييد ،لبعث نهضة حضارية شاملة وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بالدعم غير المحدود من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وأسرة آل سعود الكريمة ، وبهذه المناسبة العزيزة نتقدم بأصدق التهاني وأسمى الأماني إلى حكومة وشعب المملكة العربية السعودية ونسأل المولى عز ّ وجل ّ أن يديم على الجميع نعمة الإسلام ، والأمن والخير والوئام .
غــرة الميزان تـــاريخ إعــتزاز
سطّره للمملكـــة عبــدالعزيز
في شـــموخ ٍ واقتدار ٍ واحتراز
لم ّ شمل الدار في وقتٍ وجيز
وحّــد الأركــان مـن غير اهتـزاز
في طموح وسيف حق ونور ميز
شاد صرح ٍ في مسار الخير فاز
وأعلن التوحــيد في يوم ٍ عزيـز
*عبدالعزيز سليمان الفدغوش*