صراع الخير والشر والحق والباطل قائم منذ دب الخلاف وحدث الصراع بين ابني آدم عليه السلام وقتل احدهما الاخر ونار الحقد والحسد تشتعل وتنطفي وتعود الي الاستعار وهكذا دواليك حتى يرث الله تعالى الارض ومن عليها وكان أول من أوقدها أبليس عدو آدم وعدو ذريته الذي تسبب بإخراجهم من الجنة وهبوطهم الي الارض ومن ثم إشعال نار الفتنة بين ابني أدم وقد تعهد بإضلال بني أدم مأستطاع الي ذلك سبيلا الى يوم القيامة فكانت كل الشرور التي تقع بينهم من فعله وسوسته وتدليسه وكذبه وخداعه .
وتضاف النار الي الفتنة ويطلق عليها نارالفتنة مجازاً لكون تأثيرها يشبه تأثير النار الحقيقة في أسوأ حالاتها كالحرائق ونيران الذخائر والاسلحة الا ان النار الحقيقة هذه فيها منافع للبشر فمنهم من يوقدون النار بالحطب أو الكيروسين أوالغاز وذلك لإنجاز حاجاتهم الضرورية للعيش والحياة وليس لهم فيها مأرب أخرى أما نار الفتنة فتوقد للحرب والقتل والدمار وهنا مربط الفرس كما يقال فهم في الحقيقة يوقدونها وهم وقودها مالم يكونون على حق وصواب كالمجاهدين في سبيل الله تعالى وهذه سنة الله تعالى في خلقه قال تعالى(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدة الارض) الاية وقال تعالى(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع وصلوات ومساجد يذكر فيها أسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره)الاية وقال تعالى عن اليهود(كلما اوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله) الاية وهذه الاية تشمل ان شاءالله تعالى كل أعداء الله واعداء أهل وأتباع الدين الاسلامي الحنيف الصحيح المحكمين للقرآن الكريم والمتبعين لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وحتى هؤلاء لم يسلموا من شر أشرار خلق الله
فمنذ بزوغ شمس الاسلام وأعداؤه يتكالبون عليه ويضعون له المكايد لتنشب معارك طاحنة في الشرق والغرب والشمال والجنوب (غير المباشر) وبين كر وفر وغالب ومغلوب ومع التعثرات والنكسات والنكبات التي تحصل هنا وهناك ولهؤلاء ولأولئك فقد كان للإسلام اليد الطولى في عصوره السالفة حتى بلغ أقصى مشارق الارض في ماوراء النهر ونهري سيحون وجيحون وسور الصين العظيم وبلاد الهند والسند وفي الشمال والشمال الغربي فتح الشمال الافريقي وتجاوز البحار حتى اوشك على فتح أوروبا كاملة ببلوغه أسوار مدينة باريس في العمق الاوربي توقفت بمعركة بلاط الشهداء بقيادة القائد المسلم عبد الرحمن الغافقي ومن الشرق كذلك كان المد الاسلامي العثماني الذي افتتح القسطنطينية عاصمة أمبراطورية الروم ومن ثم وصل الي روما واواسط أوروبا واوروبا الشرقية حتى أمتلك أغلب أراضي القارة العجور كاشفاً شيئاً من الظلام الدامس الذي تعاني منه في العصور الوسطى وهيمنة الكنسية الضالة عليها .
وكماقلت سلفاً فأعداء الامة الاسلامية يراقبون ويتربصون بها ويتحينون الفرص ويتحرون مكامن الضعف والغفلة لينقضوا عليها وقد كان لهم ذلك في وقائع كثيرة الا أن الطامة الكبرى كانت في إجتياح التتار لدولة الاسلام واحتلال عاصمتها بغداد وقتل أهلها قتلا ذريعاً بلا هوادة ومن ثم الزحف الي بقية بلاد الاسلام فوصلوا الي دمشق وبلاد الشام ثم كان الهدف بلاد النيل ومصر الكنانة الا أن الله تعالى هزمهم شر هزيمة على يدي القائدين المسلمين الملك المظفر سيف الدين قطز والملك الظاهر ركن الدين بيبرس وعادة العافية لبلاد المسلمين الا انه كما كان للخير بقايا فإن للشر بقية ولم تنم أعين أعداء الاسلام فكانت الحروب الصليبية التي اتخذت من نصرة الصليب ودين المسيح ذريعة لتوجيه الحملات تلو الحملات والجيوش تلو الجيوش لإستعادة اراضي الامبراطورية البيزنطية المسيحية فصالت وجالت وقتلت وسلبت ونهبت ثم نصر الله تعالى دينه وعباده على أولئك الغزاة على يد القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي ثم حدث ان وقعت احداث الحرب العالمية الاولى التي تعتبر أعظم حرب حدثت في التاريخ البشري حيث قتل فيها مايقارب ١٦ مليون انسان وقد تسببت أيضاً بالانفلونزا الاسبانية التي اهلكت مايقارب ١٠٠مليون انسان في جميع انحاء العالم وقد انتصر في تلك الحرب الحلفاء وتسببت الحرب في تمزيق الإمبراطوريةالالمانية والامبراطورية الروسية والامبراطورية النمساوية والدولة العثمانية ومن هنا تشكلت دول جديدة في اوروبا وقسمت مكونات الامبراطوريات المذكورة ووزعت أملاك الدولة العثمانية الي مستعمرات لدول الحلفاء المنتصرين وكانت هذه الحرب وتبعاتها مابين عام ١٩١٤ وعام١٩١٩ للميلاد .
وقد كانت تلك الحرب العظيمة أحدى الاسباب الرئيسية لاندلاع الحرب الاوسع انتشارا وتعرف بالحرب العالمية الثانية والتي شاركت بها اكثر من ثلاثين دولة وعمت العالم تقريبا بأسره ومن اسبابها الريسية الاخرى معاهدة فرساي التي عقدت في فرنسا والتي حملت ألمانيا تبعات الحرب العالمية الاولى وحملتها تعويضات كبيرة لخسائر الحرب وقد نشبت الحرب العالمية الثانية بعد عشرين سنة من نهاية الحرب العالمية الاولى حيث بدات عام ١٩٣٩ وانتهت عام ١٩٤٥ للميلاد وكانت بين دول الحلفاء المنتصرين بالحرب الاولى بريطانيا بقيادة تسرشل وأمريكا بقيادة روزفلت والاتحاد السوفيتي بقيادة ستالين ومن معهم من دول اخرى وبين ماسمي بدول المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان وماانحاز معهم من دول العالم بقيادة الزعيم النازي الالماني أدولف هتلر وزعيم أيطاليا موسوليني وزعيم اليابان هيرو هيتو واستخدمت فيها الطائرات الحربية التي فعلت الافاعيل لاول مرة في الحروب وكان الحسم والانتصار للحلفاء بتأثير قوة السلاح الجوي وتأثير القنابل النووية التي ألقيت على هيروشيما ونجازاكي في اليابان وقد قتل في هذه الحرب الضروس الواسعة مابين ٥٠ مليون ٨٥ مليون انسان وقسمت المانيا الي دولتين ونزع سلاح اليابان وتشكل عالم جديد بأنظمته وعلاقاته واعطت الحرب العالمية الاولى والحرب العالميةالثانية دروس مجانية للعالم عن ويلات الحروب وتدميرها وقسوتها ورغم ذلك وقعت نزاعات وحروب بين بعض الدول كان لها ضحايا وآثار سلبية كبيرة فهل حفظت الدروس المستفادة منهاأم ماتت مع موت من أشعلوها ومن عانوا ويلاتها .
ومايحدث في العالم في زماننا هذا من مخاض عالمي وتداعيات ونزاعات وحروب وتهديدات وتطرف ووعيد بالويل والثبور وعظائم الامور فمن الحرب الروسية الاوكرانية مروراً بحرب غزة والصراع على الحكم في السودان وصولاً الي عربدة ايران وتعنتها وتهديدها وتحرشات اذرعها ومليشياتها في كل مكان فالحوثي ومايفعل وما يسمى بحزب الله و مايثير من قلاقل واضطرابات وبقايا داعش والقاعدة وجماعات التطرف الاخرى في كل مكان وتعرض قوى التحالف في العراق وسوريا للاستفزاز من المليشيات المدعومة من إيران والمنتشرة هنا وهناك إضافة الي سعي بعض الدول الي السيادة وتزعم العالم في حرب باردة جديدة إضافة الي الحرب الاقتصادية وتنازع بعض الدول ومحاولة التأثير على الاقتصاد العالمي وإدعاء الزعامة المالية والتجارية والصناعية والسعي الدؤب بشتى الوسائل والطرق للحصول على قصب السبق في كل هذه المجالات ممايسبب التوتر والتلاسن بين تلك الدول والذي ربما يفقدها صوابها فيقع المحذور ولو وقع فلن يكون كالحرب العالمية الاولى ولا الثانية بل ربمادمار العالم بأسره وكوكب الارض معه .
فهل يقع المحذور ويؤدي هذا المخاض والتناحر والتنازع الي حرب شاملة تفوق في تداعياتها واضرارها وويلاتها وخسائرها مانتج عن الحربين العالميتين المشؤمتين الاولى والثانية مجتمعتين وماتلاهما من تبعات لاحصر لها من قتل وتشريد ومرض وفقر وسلب ثروات وإستعمار بلدان واذلال شعوب .
نظريا هذا متوقع وبوادره تلوح بالافق وشرره بدأ يخترق سكون الكون : فهل ومتى وكيف ولماذا ؟ ولكن نحن كمسلمين نعلم علم اليقين بأن الامر بيد الله تعالى وحده اولاً واخيراً فالملك ملكه والارض ارضه والخلق خلقه وماشاء فعل لاراد لقضائه سبحانه وتعالى وله وحده ونقول اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك شرورهم اللهم سلم بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر وضر والحمد وعلى نبيه محمد الصلاة والسلام .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٥/٧/٢٣هه
المشاهدات : 52122
التعليقات: 0