يشهد التعليم في المملكة اليوم تطور متسارع وشامل إنطلاقاً من النظرة الشاملة لمنظومة التعليم بعناصره الطالب والمعلم والبيئة المدرسية والمقررات الدراسية والاسرة والمجتمع حيث انطلقت وزارة التعليم في هندسة التعليم بهيكلة جديدة للوزارة وإدارات التعليم بأسلوب يتواءم مع التطور العالمي العلمي والتكنولوجي والاقتصادي ومتطلبات العصر الحديث والمستقبل الواعد الذي تشهده المملكة في ظل رؤية 2030 وفي ظل التنامي الذي يشهده العالم اليوم.
تتطلب هذه الهندسة الجديدة مشاريع تعليمية تتوافق مع احتياجات المتعلمين ومتطلبات سوق العمل قادرة على مواكبة التحول الرقمي والثورة التكنولوجية والمعرفية واعتماد تقنيات وتطبيقات وأدوات تهدف إلى التحول نحو تنمية المهارات واكتساب الخبرات وتنمية نظم التفكير العليا.
إن التعليم العصري الذي يسعى إلى التنمية المستدامة ومواكبة التطور التكنولوجي والاستفادة منه في سائر عناصر العملية التعليمية بكفاءة عالية ونواتج متميزة، وفق معايير عالمية لبناء الإنسان والمكان يركز على العملية التعليمية المدعمة بالتقنيات والتطبيقات والاستراتيجيات والممارسات المرتبطة بمفهوم التعليم والتعلم والسعي إلى تنمية المواقف بدلاً من الاكتفاء بتلقين المهارات، وبإلتالي الشعور بالمسؤولية التامة والمشاركة بفاعلية.
ولعل من الجوانب الهامة التي تركز عليها المنظومة التعليمية في هذا العصر إضاقة إلى التعلم والإبداع أن يكون التعلم ذي المعنى يحقق نظم التفكير العليا، وما وراء المعرفة، بالتركيز على انتاج وصناعة المعرفة واكتساب المهارات بممارسة النشاط الذي يخلق موقفاً وبالتالي تحسين العملية الإنتاجية وزيادة الكفاءة وفاعلية الأداء بالمؤسسة التعليمية.
وفق التحول الرقمي أصبحت الخدمات التعليمية تقدم عن طريق الأساليب التكنولوجية الحديثة سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال المنصات التعليمية ولكن السؤال: هل تقتصر هذه الوسائل على النقل المعرفي فقط للمعرفة؟ وهل يمكن الاستفادة منها في نشر القيم الأخلاقية وبخاصة التسامح والتعايش وتقبل الآخر والجوانب الوجدانية ؟
وفي ظل التطور الذي يشهده قطاع التكنولوجيا والمعلومات وانعكاساته على العملية التعليمية جعل هناك ضرورة نحو الإدارة الرقمية التي تقوم على اكتشاف الأدوات والأساليب الضرورية لإدارة المعرفة ورأس المال الفكري بفاعلية والتحول نحو مجتمع متطور يقوده هذا التحول لتحسين العملية الإنتاجية وزيادة الكفاءة وجودة الأداء وتحقيق مهام ذات قيمة فردية ومجتمعية.
إضافة إلى التحول الرقمي نحن بحاجة أن يلامس تعليمنا العناية بالنظام البيئي الذي ينطلق من مبادرة سموسيدي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ” السعودية الخضراء” وبشعار “المدرسة الخضراء” مما يتطلب اعتماد تقنيات وتطبيقات وسلوكيات وأدوات تهدف إلى المحافظة على البيئة والمساهمة كمشاريع مستقبلية تهدف لتعليم يجعل من المدرسة والطالب صديق للبيئة، وبالتألي التحول الجذري إلى الخدمات الإلكترونية بغية الاستغناء عن استخدام الورق والكتب، وتقليص مراكز التدريب بتفعيل التدريب عن بعد، ومجتمعات النمو المهني، والإستفادة بشكل فعال من تقنيات التعليم الحديثة في ظل تغير الأدوار مما له الأثر على:
جودة التعليم وتوسيع أفاق الطالب والتواصل الفعال والنشط بين الطالب والمعلم.
تنمية مهارة الإبداع والاستكشاف والبعد عن روتين التعلم التقليدي.
اشراك ولي أمر الطالب بشكل مستمر ودقيق لتحسين مستوى وانضباط ابنه الدراسي.
تحويل الفصول التقليدية إلى عالم افتراضي يحاكي الواقع.
خلق فضاء تفاعلي بإمكانات مثيرة ومثرية لتفكير الطلاب ومعرفتهم في آن واحد في ظل بيئة صحية محفزة وآمنة.
إن هندسة العملية التعليمية التي تتوخى التطوير المنهجي لإجراءات علمية ودافعية تهدف الى تحقيق الفعل التعليمي في فضاء مكاني وزماني محددين ، يحقق الوصول إلى متعلم منضبط محترم للنظام منافس ومنتج، وقادر على إتباع قواعد الحياة والنجاح فيها بشكل كبير ويتمتع بسلام وطمأنينة كي يكسب حسًا رفيعًا بالمسؤولية والإنجاز.
د. فايز بن علي الأسمري
الخميس 4/9/ 1445هـ
14مارس 2024م