دفعت الطفرة الأخيرة في الحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، والميتافيرس وغيرها من الابتكارات، المؤسسات السعودية إلى إعادة النظر جذريًا في نهجها للتحول الرقمي لتتمكن من مواكبة هذه التطورات واتجاهات السوق الجديدة، وذلك لأهميته لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار في جميع القطاعات.
وأدركت السعودية مبكرًا أهمية التحول الرقمي، وجعلته ركيزة أساسية لرؤية 2030، وتبنت إستراتيجية شاملة لتحقيقه بجميع القطاعات، بهدف تطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز كفاءة المؤسسات السعودية، ورفع قدرتها التنافسية عالميًا، مما جعل المملكة تحتل المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية لعام 2023، كما شهد حجم سوق الاتصالات والتقنية نموًا ملحوظًا ليصل إلى 166 مليار ريال خلال العام الماضي، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 8% خلال السنوات الست الماضية.
التحسين المستمر
قال مانيكاندان ثانغاراج، نائب الرئيس بشركة مانيج إنجن- المتخصصة في إدارة تكنولوجيا المعلومات المؤسسية، والتابعة لمجموعة زوهو العالمية-: “إنه في ظل بيئة تتسارع فيها وتيرة ظهور التقنيات الجديدة، بات من الضروري على المؤسسات والشركات السعودية تبني نهج “التحسين المستمر” للتحول الرقمي لضمان بقائها في صدارة التنافسية، الذي يشمل تحسين البنية التحتية الرقمية بشكل مستمر، وتطوير مهارات القوى العاملة، واكتشاف فرص جديدة للابتكار”.
وأوضح أن رحلة التحول الرقمي لا تسير وفق مسار واحد ينطبق على جميع الصناعات والمؤسسات، بل تنفرد كل جهة بتقنياتها، مبينًا أن دمج تقنيات الواقع المعزز (AR) والافتراضي (VR) بقطاع البناء على سبيل المثال يُمكن أن يُحدث ثورة في عملية التخطيط من خلال تجسيد المشاريع قبل التنفيذ، مما يساهم في توفير الوقت والمال والموارد، بينما قد تشهد الصناعة المالية تحولًا من الخدمات المصرفية التقليدية إلى خدمات الهاتف المحمول، مع تبني تقنيات متطورة مثل البلوك تشين والعملات المشفرة، تعزيزًا للأمن والفعالية.
وشدد ثانغراج، على ضرورة أن تُطور كل مؤسسة إستراتيجية تحول رقمي محددة بوضوح ومصممة خصيصًا لتناسب احتياجاتها، لافتًا إلى وجود خطوات أساسية للتحول الرقمي يُمكن تعديلها لتناسب احتياجات كل مؤسسة على حدة، مؤكدًا ضرورة فهم تأثير التقنيات الرقمية على قطاع عمل المؤسسة كخطوة أولى لبدء التحول الرقمي بنجاح، إذ يتطلب ذلك تقييم الاتجاهات والتحديات والفرص التي تُحفز الحاجة إلى التحول، حيث تختلف خطوات التحول الرقمي من قطاع لآخر، لذا يجب تحديدها لتناسب مسيرة المؤسسة وأهدافها.
خارطة التحول
اعتبر مانيكاندان ثانغاراج، نائب الرئيس في شركة مانيج إنجن، أن خارطة الطريق الواضحة تمثل مفتاح نجاح رحلة التحول الرقمي للمؤسسات، حيث تبدأ بوضع أهداف محددة، مثل زيادة الحصة السوقية أو تحسين رضا العملاء، ثم تحديد إستراتيجيات قصيرة وطويلة الأجل، ووضع خطة زمنية تمتد من 5 إلى 10 سنوات، بالإضافة إلى تحديد مجالات التنفيذ الفوري والاحتياجات المستقبلية، كما يجب أن تتمتع الخارطة بالمرونة للتكيف مع احتياجات المؤسسة والتكنولوجيا المتطورة.
ودعا المؤسسات إلى إشراك أصحاب المصلحة وإطلاعهم على رحلة التحول الرقمي، والتأكيد على فوائد التحول مثل تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز تجربة العملاء وخلق فرص جديدة لزيادة الإيرادات.
تقنيات الصناعة
أكد ثانغراج، على ضرورة اختيار التقنيات الرئيسية، مثل الحوسبة السحابية، والروبوتات، والأتمتة، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والبلوك تشين، التي تتوافق مع صناعة المؤسسة، وتدفع برحلة التحول الرقمي الخاصة بها، ناصحًا المؤسسات والشركات السعودية بمراقبة التقنيات الناشئة باستمرار ودمجها في خارطة الطريق الرقمية الخاصة.
وأوصى المؤسسات السعودية بالتعاون مع مقدمي التقنيات المبتكرة لضمان رحلة تحول رقمي ناجحة، والمتابعة المستمرة لمسيرة التحول الرقمي، وإجراء التعديلات اللازمة لضمان فعاليته، وتحديد مؤشرات أداء رئيسية لقياس التقدم المحرز، مثل نمو الإيرادات، أو تحسين تجربة الموظفين، أو خفض التكاليف، مشددًا على غرس ثقافة التغيير والابتكار على مستوى المؤسسات والشركات السعودية.