بر الوالدين وملازمتهما عند الحاجة والعناية بهما من أعظم مايلفت النظر ويجلب الأنتباه
لدى الاخرين ومما يزيد الاشتياق لمتابعة البارّ بوالديه ومعرفة سيرته ومعاملته لهما هو مايرى منه من إظهاره التودد لهما والالحاح عليهما برفق لمعرفة مايرغبان ويحتاجان مع الحرص على خفض الصوت والانكسار لهما وعدم الرد عليهما برد يخالف مايطلبان ويودان ويرغبان ويريان فقد تكون طلباتهما مماثلة لطلبات ورغبات الأبن عندما كان طفلا صغيرا يطلبهما فيعطيانه ويلح عليهما فيزيدانه ويطمع فلا يوأنبانه وبلا تكلف منهما اوتضجر بل يحسان بطعم الحنان ولذة الابوة والأمومة لايبتسمان وهو يتألم ولا يهجعان حتى يهجع ولايأكلان حتى يشبع فهل سيعاملهما كما عاملاه ويفعل معهما كما كانا يفعلان معه ، هل يعلم أن لا جزاء للاحسان الا الاحسان أم انه يرى انهما قد هرما وقد أكل عليهما الدهر وشرب واصبحا عالة عليه وثقل لايحتمل منتهيا الصلاحية قد إقتربت منهما المنية ومافي معاملتهما معاملة خاصة شيء من المهنية ولايرتقي وضعهما الي مراعاتهما مراعاة إنسانية فهما لايزالان في وضع سليم حسب رايه ومايمليه عليه ضميره يطعمان ويشربان وينامان أما بالنسبة للألم والمرض فكل كبار السن يتألمون ويمرضون ويموتون هذا في نظر الأبن العاق ومن على شاكلته فقط ، وأما الرعاية والاهتمام لدى الساحب على والديه فمنصب على الزوجة والابناء والبنات واهم مايدور في خلده وقرارة نفسه تجاه الوالدين أنهما أشرفا على الهلاك وأن مايملكانه يكاد يصبح لقمة سائغة هنية له وهذا بيت القصيد لديه وهذا في حدسه المنتكس مسألة وقت فقط ويردد دائما الاعمار بيد الله كلمات حق أريد بها غير ذلك .
ومن كان كذلك ففي إسلامه شك وإيمانه على المحك وفي رجولته خور وفي انسانيته عور لم يطع الله تعالى ولم يطع رسوله صلى الله عليه وسلم وجانب الدين وخالف الفطرة وتنكر للاخلاق السوية الحميدة وفقد مقومات الرجولة بكل معانيها وسقط سقطة لانهوض منها وهوى الي قاع موحل منتن هذا في نظر الاسوياء أيا كانت مشاربهم .
فبربك ماذا تعتبر نفسك لو كنت كذلك؟ ومن اي المخلوقات انت ؟ لن انتظر جوابا ممن هذه سجيته وحالته وسيرته ! فلن يكون جوابه متفقاً مع الواقع ولا مع المألوف بل سيكون مجرد كلمات مكسرة ممجوجة من لسان لاهث يحاول يقنع نفسة بما يضمر قلبه ومايقول لسانه ولا حاجة عنده ولا أهمية لإقناع الاخرين .
وفي ديننا الاسلامي الحنيف مقام الوالدين لايضاهيه مقام فقد قرنه الله تعالى بعبادته
فقال تعالى( وقضى ربك الا تعبد الا إياه وبالوالدين إحسانا) الاية وفي الحديث أحب الاعمال الي الله تعالى(الايمان بالله والصلاة على وقتها وبر الوالدين) .
والايات الكريمه والاحاديث الشريفة في هذا الباب كثيرة ولطيفة وأعز من أن نحصيها في هذا المقال ومن اراد الاستزادة منهما فليرجع للقرآن الكريم والسنة المطهرة ولينهل من معينهما الصافي .
ومن مشاهداتي للمواقف النبيلة والطرائف الجميلة في بر الوالدين ماسوف أذكره هنا كأمثلة لعل الله تعالى ينفع بها فكما يقال بالمثال يتضح المقال والعبرة بالخبرة وليس الرائي كالسامع فآفة الاخبار رواتها الا من كان موثوق برايه وروايته أو من رأى بأم عينه .
مشاهدة:
كنت في عام من أعوام فارطة مدعواً لمناسبة
في مدينة حايل ولفت نظرى عندما أكتمل الحضور رجل كبير طاعن بالسن يتوسط الحضور ورجل أخر في منتصف العمر واقف جنبه لايغادر مكانه ولايجلس طوال الوقت وحدث ان طلب الرجل الكبير ماءً ليشرب ففزع الرجل الواقف الي الماء بسرعة ملفته وأخذ يسقيه من يده وعندما فرغ من الشرب أخذ الرجل الواقف بطرف شماغه هو وليس شماغ الرجل الكبير فمسح به الماء عن فمه بخضوع وتذلل وحنية لطيفة وتبين لي أن هذا الرجل الواقف طوال الوقت هو الابن الاكبر لهذا الرجل المسن .
مشاهدة أخرى :
رجل عنده والدته الكبيرة في السن في بيته وبين اسرته وعندما يخرج من البيت لقضاء حاجياته من سوق ليس بالقريب تطلب منه والدته ماترغب من علاج ونحوه كمسكن الصداع مثلا او أي شيء بسيط ولبساطته في بعض الاحيان ينسى ما طلبت منه إحضاره وعندما يدخل البيت قافلا من مشواره ويراها اويسمع صوتها يذكر عليه ما أوصته به فينسل راجعا قبل أن تراه اوتحس بحضوره ويوصي زوجته واولاده بعدم أخبار والدته بحضوره ثم يعود الي السوق ويحضر طلبها وهمه ألاتعلم انه نسي شيء طلبته ، وحدث أن مرضت هذه الأم وثقلت فطلبت أبنتها من أخيها أن تأخذ أمها عندها وهي في دولة غير الدولة التي هم فيها فرفض رفضا قاطعا فطلبت أخته وساطة خالتهما التي يعزانها معزة شديدة فوافق على مضض وكان الامر يحتاج جواز سفر وقبل ذلك صور فوتغرافية فذهب الي الاستديو وأحضر المصور الي البيت ليأخذ لهاصوراً دون ان تحس وقد ضعف بصرها وعندما سألته قال هذا طبيب أحضرته للفحص وصرف دواء وعندما احضر الصور من الغد دخل عليها فعاتبته وقد علمت بالخبر وقالت خلاص وصل بك الحال بأن رغبت بالتخلص مني والتخلي عني فاخرج الصور من جيبه في الحال وبدون تأخير ومزقها أمامها وبقيت عنده حتى توفاها الله تعالى رحمها الله رحمة واسعة واموات المسلمين .
قال الله تعالى(ولاتقل لهما أف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا )
فهل من عرضت مشاهدةسلوكهما مع والديهما أنفا قد قالا لوالديهما (اف) أو اقل منها ؟ الجواب حتما لا !
وللعلم فمعنى أف هو أن يتأفف بنفخ الهواء من بين شفتيه دون ان يتكلم عدى خروج الالف والفاء قسرا مع الهواء وذلك أعتراضا منه على شيء فعلاه او قول قالاه لايتوافق مع هواه أو مبتغاه مخالفا الكتاب والسنة والعرف والرجولة والانسانيةومتجاهلا ما جاء من تحذير صريح له ولغيره من فتح فاه احتاجا على من انجباه وربياه بل الواجب الشرعى عليه الصبر عليهما أرضاءاً لله تعالى وتحقيقا للبر الخالص الرفيع .
ولكن الكثير من الخلفة الا من رحم الله عند أول نقاش مع الابوين لايكتفي بالتأفف بل يدلغ لسانه بكل وقاحة وحماقة فلا أكرم الله من عق والديه ولا نامت أعين من نال من كرامة والديه أو احدهما حتى ولو برفع صوت او كلمة نابية أو معارضة تافهة أو مصادرة رأي مهما كان الامر .
حفظ الله تعالى أبناء المسلمين وبناتهم من العقوق واسبابه وطرقه ومايؤدي اليه ورحم الله الاباء والامهات وجزاهم خير الجزاء على ماقدموا لابنائهم وبناتهم منذ كانوا نطفا في الارحام حتى أصبحوا يمشون على الاقدام فلعل لديهم من الإحساس شيء مما لدى ذوي النهى والاحلام .
والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
المشاهدات : 39566
التعليقات: 2
احسنت ووفقت بمقالك اللهم اجعلنا بارين بوالدينا
كلام حكيم ورائع