في حياة كل شخصٍ أمنية ينتظرها بفارغ الصبر، ولا أصعب من أن تكون تلك الأمنية طلب الله تعالى الإنتصار لمظلوم خصمه ظالم متجرد من إنسانيته خائن لأمانته، محارب للصدق والنزاهة، ولا يتقِ الله، آمناً مكره وعقوبته، ظنًا أن ستر الله عليه دائم، بينما الطرف الإخر “المظلوم” محتسباً ويدرأ ماهو أشد عليه وعلى من حوله، يراعي الله ويُعظّم مكانته مؤمناً برحمته وعدله ، فيصمت صابراً لا عاجزاً، ينتظر نصر الله متيقناً بأنه هو قاضي الحاجات ومستجيب الدعوات وأنه هو العادل المنتقم، ومهما أمهل الظالم فإنه لا يهمله.
قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق /٢-٣ ، وقد نزلت في إطار الطلاق وكيفية الرجوع والندم وما يترتب عليه؛ وكما ذكر أحد السلف الصالحين أنها ليست خاصة بقضية محددة، وانما هي دستور تشريعي لكل موضوع.
فمن يتق الله يجعل لها مخرجًا في التعاملات في العلن وفي الخفاء قال ابن الجوزي: “والصحيح أن هذا عام، فإن الله تعالى يجعل للتقي مخرجًا من كل ما يضيق عليه، ومن لا يتقي، يقع في كل شدة” انتهى. من “زاد المسير”(4/298).
وتعددت الأحاديث في هذا الموضوع ولكن العبرة هي في الرجاء بأن تقوى الله تخرج من المصائب والمصاعب وتُدخل في فضاء الراحة باتباع أوامر الله، يقول تعالى في قرآنه العظيم (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).
أي أن في تقوى الله تساق الأرزاق إليك، ومن توكل على الله فهو حسبه، فهي معادلة 1+1=2 ، فإن تتقي الله يخرجك من كل شدة وبلاء ويسوق رزقك إليك بشرط ان تتوكل عليه وتأخذ بالإسباب وهذا حسبك.
الفرج والرزق تبدأ بالترتيب الآتي: المفتاح الأول هو قوله تعالى (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)، والثاني (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)، والثالث (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)، والرابع (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، والخامس (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ)، والسادس (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، والسابع (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)، والثامن (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ)، والتاسع (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)، والعاشر (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).
وكما ذكر الإمام أحمد وقال: حدثنا يزيد، أخبرنا كهمس بن الحسن، حدثنا أبو السليل، عن أبي ذر قال: جعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتلو علي هذه الآية: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) حتى فرغ من الآية، ثم قال: “يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها كفتهم”.
لنتفكر أن التقوى هي أساس الفرج . إخسر أي شيء أيها الإنسان عدا التقوى فإنك لن تأخذ معك من الدنيا عدا مابُني على التقوى وحسن الخلق.
تذكر أن كل عُسر وكل مصيبة وكل ضائقة وكل ظلم مررت به، هناك رب كريم رحيم قريب سيجعل لك من كل ضيق مخرجا، وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضاقت به دنياه يردد: (يَا حَيُّ يَا قيوم بِرَحْمَتِكَ أستغيث أَصْلِحْ لي شَأْنِي كُلَّهُ وَلا تَكلني إلى نفسي طرفه عين).
إن ضاقت بك فتذكر أن لا منجا ولا ملجأ منه إلا إليه، فهو فالق الحب والنوى، والذي يقول كن فيكون.
اللهم أحسن بنا التدبير فإننا لا نحسنه، وأجعلنا لك من المتقين.
بقلم أ- إيلاف الجهني
ماشاء الله
كلام من ذهب
جزاكي الله كل خير