ندبات النور

تعلمت ألا أعـلق قلبي بـأحــد
تعلمت ألا أتمـسكـ بـأحد
تعلمت ألا أهتم بـأحد

تـعلمتها جمـيعـاً، ولـكن تأخرت في إتقانها في البداية
لأنني أعيش بعالم مختلف عنهم، وبـأخلاق
أرفع منهم، وبقلب أطهر من قلوبهم عـانيت
من فهمهم جميعاً.
ولكنني خرجت بفائدة من كل من قابلته وتعلقت به وتمسكت به وأحببته كـل هؤلاء خسرتهم بسبب إعطائهم ما لا يستحقونه.
لهذا تعلمت إذا أردت أن أحافظ على أحد ألا أتعلق كثيراً وأتمسك به وأهتم لأنهم أول من يـرحل ويبتعد ويغادرنا دون وداع هم من يسلبنا حقوقنا دون إعادتها ونحن من ساعدهم في سلبها لأننا فتحنا لهم قلوبنا وأغلقنا عقولنا.

ولأننا لم نرهم إلا بقلوبنا دون عقولنا
ضمنوا مقاعدهم في حياتنا.

وعرفوا مدى تمسكنا بهم وعدم قدرتنا للعيش بدونهم فـأهملونا لا ألقي اللوم عليهم كثيراً ولا على قلوبنا الطيبة التي فتحناها لهم، بل لعقولنا التي لم نستخدمها معهم، كل معاملاتنا معهم كانت تحكمها العاطفة والمشاعر الصادقة نحوهم، كانت أعيننا لا ترى سواهم، ولا ترى أخطائهم ولا النقص الذي يعتريهم.

هناك نفوس يكسوها الخبث والقسوة مهما أعطيتها لا تستطيع إمتلاك قلوبهم أو تغييرهم، بل على العكس هناك من يستهين بتلك القلوب، ويشكك بأصحابها أن وراء ذلك مصلحة لأنه إعتاد على ذلك.

فهو يظن كل الناس مثله، الشيء الذي جهله أولئك الذين رحلوا عن قلوب أحبتهم بصدق أن قلوب الطيبين إذا أنجرحت لا يمكن أن تعود كما هي، فإن جروحهم التي نزفت بسببهم وذهبوا دون تضميدها لا يمكن نسيانها ولا كلماتهم المسمومة التي قذفوها أن تنسى من ذاكرتهم.
تعلمت أن ليس هناك شخص يبقى معك، بل ذلك كان من وحي الخيال الذي يعيشه الطيبون أمثالي.
تعلمت أن أرافق الجميع دون التمسك بهم دون حبهم والتعلق بهم حتى لا أعاني مزيداً من الألم وأقف عاجزة عن تضميده ونزيف جروح لا تنتهي.
لا أقصد بتلك الجروح التي تكون على الجسد، بل تلك التي تكون في القلب وتتعلق بالذاكرة هي من يصعب التخلص منها، فموقف واحد في حياتنا اليومية قد واجهنا بالصدفة أو لغيرنا كفيل بـإعادة كل شيء مررنا به.

تعلمت أن أكتم مشاعري مهما كان نبلها وطهرها لأنني
لا أثق بمن حولي أن يحملوا صفاء تلك المشاعر التي أكنها لهم.

تعلمت ألا أكثر في العطاء حتى لا يسيء
فهمي أحد فليس كل القلوب كـقلب أمــي.
تعلمت ألا أهتم فليس كل من هو أمامي يستحق ذلك.
تعلمت أننا نحن أحياناً من يصنع الكبرياء
لمن نقابلهم وهم في الحقيقة لا يساوون شيئاً.
تعلمت أن عند رغبتنا في بقاء من نحب بجانبنا ألا نشعره بالحب
حتى لا نندم عند رحيله وتبديله لنا بعد إظهار تلك المشاعر له، ونبقى مجروحين منهم.

تعلمت حتى وإن رحل من أحببته أن يبقى له نصيب من دعوة خير أذكره بها، وأن أحاول مسح كل شيء مررت به من كل من حولي.
تعلمت أن أستفيد من كل تجربة وموقف وإنسان صادفته وكل شيء عشته، حتى لو للحظات بسيطة.

تعلمت أن أكون عادلة مع من أحب ومن أكره.
تعلمت ألا أنسى معروفاً عمله أحد من أجلي.

تعلمت ألا أنسى سعادة أهداها أحد لي
أو كان سبباً في كوني مبتسمة وسعيدة.

تعلمت أن شعور النكران شيء ليس
جميلاً حتى وإن قابلنا أحداً بالإساءة بعد حبه لنا.

تعلمت أنني لا أملك قلوب الآخرين في جعلهم
بجانبي دائماً وأنهم ملك خاص لي.

تعلمت أن لكل شخص حريته فيما يختار
ولا يحق لي إرغام أحد على العيش معي
والوقوف بجانبي في كل وقت.
تعلمت أن أقدر ظروف كل من حولي، وأن
ألتمس العذر للجميع، فـنحن بشر يعترينا النقصان والخطأ.
تعلمت أن أتظاهر بالرضا عن كل من حولي وأن أسعد نفسي بكل ما أستطيع، وأن أتغافل عن كل ما يزعجني، وأن أعيش كل لحظة سعيدة، وأعيش حياتي بأجمل تفاصيلها دون الاهتمام بـأحد.

تعلمت ألا أتعب نفسي في محاولة رضا الناس عني.
تعلمت أن أسمح لهم بالرحيل، وأودعهم وأنا مبتسمة..

تعلمت ألا أتحسف لرحيل أحد غادرني برغبته، فمن لا يريدني
فإنني غنية عن وجوده دون رغبة فرحيله عني سعادة لا توصف.

تعلمت أن أضع قراراتي وأنفذها دون العودة لأحد
ودون الاهتمام لآرائهم طالما لا تضر أحداً.

تعلمت أن سعادتي تكمل دائماً بوجود
من أحب وبغيابه لا ينقص سعادتي أحد.

تعلمت أن أكون وفية وصادقة ومحبة لكل
من قابلت ولا أهتم بخبث القلوب التي أقابلها.
تعلمت أن أحب الجميع ولا أدع فرصة للحقد.
تعلمت أن القلوب تتسع لمن نحب ونكره، ولكن الفرق فيمن يدوم ويستقر في ذلك المكان من خلال بصمة جميلة يضعها في قلوبنا .