أظن بل أجزم بأن من يقرأ عنوان هذا المقال سيتبادر الي ذهنه من أعني به ومن سأكتب عنه قبل البدء بقراءة المقال خاصةاذا كان ذلك القارئ حسن النية سليم الطوية صاحب رؤية وشخصية قوية لاتتنازعه الاهواء ولا يلتفت الي الوراء يسمع بأذن سامعة ويرى بعين لامعة ويتقبل بضمير فهيم وعقل سليم وقلب واع ٍ عليم ، نعم العنوان(الاسرة المباركة) أسرة آل سعود المالكة الكريمة تلك الاسرة التي قيضها الله تعالى لخدمة بيته الحرام ومسجد نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في عصور وأزمنة اختلطت فيها اوراق الامة الاسلامية وأحدقت بها الاخطار من كل حدب وصوب وتعددت وتنوعت مشاكلها وتنازعها الاعداء من الداخل ومن الخارج حتى انشغلت بالتشبث بوجودها الذي اصبح مطمعا لكل طامع فقد ضعفت الخلافة العثمانية وتنمر عليها الاعداء البطينيون واعداء الجوار وطالبي الثأر ودعاة الحق بأرض الأجداد وبقية الاضداد فمرضت الخلافة مرضاً مميتاً فلاهي التي حمت ونصرت ولاهي التي اطعمت وسقت فعم الجهل وعز الأكل وتقاتل الاهل على هذا وذاك وكانت جزيرة العرب اشد المتضررين لقلة الموارد وانعدام الروافد فالصحراء قاحلة والقرى شاحبة ولايكاد احد يعرف عدوه من صاحبه
وفي خضم هذا الوضع قدم جد أسرة آل سعود مانع بن ربيعة المريدي من الساحل الشرقي الي حجر اليمامه بدعوة من أحد اقاربه ويدعى ابن درع والذي كان اميرا لحجر اليمامة فأعطاه منطقة اطلق عليها أسم الدرعية على اسم ابن درع وكان ذلك عام ٨٥٠ للهجرة ويذكر التاريخ بأن هذه الاسرة الكريمة تنتسب لعشيرة المردة من بني حنيفه من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان من أسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام .
وقد تعاقبت سلالة مانع على أمارة الدرعية حتى تولى الامام محمد بن سعود الامارة فدخلت بعصر جديد وتأسست دولة نواتها امارة الدرعية وكان ذلك عام ١١٣٩ للهجرة وكان هذا هو يوم التأسيس المجيد لهذا الكيان العظيم الذي لازال يزيد عظمة وسؤدداً .
فقدكانت الجزيرة العربية في ذلك الوقت تئن تحت وطأة الجهل والحرمان والتشتت والاهمال من قبل الدولة الحاكمة للعالم الاسلامي وكثر فيها الفساد والبعد عن الدين الصحيح والتبرك بالقبور والطواف حولها وحول الاشجار المعمرة لطلب الرزق والولد والصحة وتيسير الامور وكل انواع الشركيات التي تكثر عند العامة ومما يُعلم من الدين فإن الله تعالى غيور على دينه ووعد بحفظه وحفظ كتابه فقيض سبحانه وتعالى لهذا الدين وهذه البلاد التي تحمل أسم الدين وتحوي مقدساته ومنبعه ومنارته التي انتشر منها الي اصقاع المعمورة الامام محمد بن سعود أمير الدرعية حيث ذهب الي الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب الذي كان قد قال بحاجة العباد والبلاد الي تجديد دينهم والعودة الي الدين الصحيح وترك الشركيات والاعتصام بحبل رب الارض والسموات فقال الامير الموفق للشيخ المجدد أبشر ببلاد خير من بلادك وابشر بالعز والمنعة فقال له الشيخ وانا أبشرك بالعز والتمكين وبركة كلمة التوحيد لا إله إلا الله على من نصرها وتمسك بها فسيملك بها البلاد والعباد فتم الميثاق بينهما على تحقيق التوحيد الخالص ودعوة الناس إليه وأطرهم على الحق أطراً وكان هذا الميثاق المبارك قد تم في عام ١١٥٧ للهجرة ومن هنا كانت الدرعية قبلة طلبة العلم الشرعي والمريدين للشيخ وعلمه فأزدهرت الامارة وانطلقت منها الدعوة حتى دانت لها البلدان واحدة بعد الاخرى حتى انضوت تحت حكمها معظم بلدان الجزيرة مستجيبة لنداء الحق وإبطال الشركيات والاخذ باسباب النصر والعز والتمكين من رب الارض والسموات وتوالى حكام هذه الاسرة المباركة من ابناء الامام محمد بن سعود واحفاده الا أن أعداء الفضيلة والدين القويم لم يعجبهم ماوصلت اليه هذه الدولة الفتية وما اتخذته من منهج قويم واسلوب حكم وطريق نجاة بإتباع الحق وتطبيق شرع الله كما يحب الله ويرضاه فحوربت هذه الدولة من كل اتجاه وكما يقول المثل الكثرة تتغلب على الشجاعة فكانت النهاية المؤسفة ولكنها كانت مؤقتة حيث انتهت الدولة السعودية الاولى عام ١٢٣٣ هجرية على يد الدولة العثمانية بجيوشها الجرارة وبخدعة أخر حكامها الامام عبدالله بن سعود بالاستسلام شريطة عدم المساس بالدرعية واهلها وعدم قتله هو الا ان الدولة المنتصره نكثت بجميع عهودها فهدمت الدرعية وقتلت الامام في عاصمتهم الاستانه .
الا ان الاسرة المباركة لم تنتهي وأخذت تترصد وتعمل لاستعادة ملكها المسلوب ظلماً وعدواناً وهو ماحدث بالفعل على ايد أحد ابنائها البررة الامام تركي بن عبدالله باني الدولة السعودية الثانية التي استعادت جميع أملاك اسلافها وزادت الا ان الاعداء لازالوا في فكر مسموم وبغض ازلي لهذه الدولة المجددة والحامية للعقيدة الربانية الصحيحة أذا حدث خلاف مؤسف بين ابناء أخر حكامها الامام فيصل بن تركي انهى حكمهم واوجد ذريعة وفرصة سانحة لاعدائهم للانقضاض على أرثهاوكان ذلك عام ١٣٠٩ للهجرة .
والاسرة المباركةشامخة لاتيأس متمسكة بحقها في أصلاح ما افسده الاخرون في بلاد الحرمين الشريفين وارض العروبة والاسلام حيث انتهى المطاف بأحد أمرائها الامام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي واسرته بالاقامة بأمارة الكويت ومن بين أسرته الشاب اليافع الطموح المتوقد الذهن الشجاع عالي الهمة المراقب للأحداث عن كثب المخطط والمفكر لإستعادةملك الاباءوالاجداد المتوقع للنتائج قبل البدء بخوض المغامرة المحفوفة بالمخاطر والتي تحتمل الفشل المرعب المحزن والنجاح المجمّل المفرح إنه الامير الشاب الإمام فيما بعد ثم السلطان ثم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الذي كان في جل وقته في مقر إقامة اسرته المؤقت في الكويت يخرج الي البر ليخلو بنفسه ويتمعن التاريخ ويقرأ الوقائع السابقة ويتخيل اللاحقة ويتأمل نتائجها وهو يحدث نفسه بكيفية إستعادة ذلك الملك وإعادة بنائه على نفس ماقام عليه سابقاً من أسس وركائز دينية ناصعة جلية وسياسية محكمة قوية فقد وثب وثبته المشهورة بعدد من رجاله المخلصين لايتجاوز عددهم بضع عشرات بأيديهم أسلحة يدوية بدائة الا أنها بأيدي أشجع الرجال وأندرهم مستعينين بالله تعالى ناصراً ومعيناً وكطلاب حق ومتسلحين بالإيمان الخالص فحقق الله تعالى الأماني واحيا الآمال ونصر الابطال وارتفعت هامات الرجال وتم فتح الرياض واتفق ذلك مع العام ١٣١٩ هجرية بداية المجد في نجد والانجاز في الحجاز والعز والتقدم الناطق في بقية المناطق
أستعاد الملك ووحد البلاد وبدأ البناء لوطن شامخ بعلو مهيب الجانب بسمو سار على الدرب فتجاوز الركب يعتز بقادته الملوك الميامين الملك عبد العزير فالملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله طيب الله ثراهم جميعاً يترجل السلف ويثب الخلف الي سدة الحكم والقافلة تسير الي حيث المكانة اللائقة في مقدمة دول العالم ومصاف الدول المتقدمةبقيادة ملك العزم والحزم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية العظمى وعضده وسنده وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عراب الرؤية ورجل المرحلة وسيد المواقف قائد ملهم بالقيادة والريادة والنظام والتنظيم والسياسة والاقتصاد والذي جعل البلاد والأمة تسمو بهمة لتعتلي القمة ولتكون قبلة ويمة لدول العالم في السياسة والاقتصاد فليست سهلة الانقياد ولا عصية بعناد بل تعمل بحياد وتحل المشاكل بين الاضداد حتى اصبحت ضابط إيقاع العالم المتقدم منه والحالم والمحارب والمسالم .
وهذا غيض من فيض مما يمكن ان توصف به المملكة العربية السعودية فقد كتب الله تعالى لقادتها العز والتمكين والسؤددوالنصر المبين ولشعبها الولاء والوفاء والايمان واليقين
قال الله تعالى(ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) وقال تعالى(الذين إن مكناهم في الارض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور) الايات
فلا نامت أعين الحساد والحاقدين والخونة والمرجفين والاعداء المتربصين ينعقون نعق الغراب ونحن نحثوا بأفواههم التراب .
والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيد المرسلين .
كتبه/بقيش سليمان الشعباني
الخرج / ١٤٤٦/٥/١٩ هه