إن أولئك الذين يؤدون واجباتهم العملية بإتقان قد يكونون كُثُر، ولكن القليل منهم فقط من يترك بصمةً مميزةً خلفه، تروي تفاصيل عمله وتُخلِّد أثره في النفوس. إن الإتقان الحقيقي ليس مجرد أداء المهمة على أكمل وجه، بل هو عملية تَتَجَسَّد فيها شخصية صاحب العقل ، حيث يصبح حضوره ملموساً في كل جانب من جوانب ما يقوم به. إن من يُتقن عمله يُخاطب أعماق الآخرين، ويترك أثراً يترسخ في الذاكرة والوجدان.
حين يُكلَّف المرء بمهمة من قِبل شخصٍ متميز، تصبح التجربة مغايرة لدى طالب، تجد أن كيان هذا الأستاذ حاضرٌ معك حتى في أدق التفاصيل. شروحاته ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي بذور تُزرع في أرض فكرك، تنمو مع الأيام لتصبح جزءاً من إرثك المعرفي. وما يميز هذا النوع من الأساتذة هو قدرتهم على تحويل المعلومة إلى جزء لا يتجزأ منك، بحيث تصبح نافذة تُطل منها على أفقٍ أوسع. لكن الأثر الأعظم يتجلى عندما يتجاوز الأستاذ حدود المنهج ليغرس في النفس دعماً معنوياً يعزز الثقة ويُلهِم السعي. حينها، يصبح الجدير بالمسؤولية، ليس فقط من يعرف المادة، بل من يسعى لفهمها تقديراً لذلك الأستاذ الذي منح من وقته وجهده عربون إخلاص ومحبة. هذا النوع من الأساتذة لا يكتفي بالتدريس، بل يخلق في طلابه روح الإيمان بقدراتهم، ويزرع فيهم العزيمة ليكونوا أفضل نسخة من أنفسهم.وإن للكلمة الطيبة أثراً يفوق كل أدوات التعليم؛ فهي المفتاح السحري الذي يفتح مغاليق القلوب ويصنع فارقاً في حياة الطلاب. وعندما تأتي تلك الكلمات من شخصية مخلصة ومتفانية، يصبح كل طالب تحت جناحها مؤمناً بأنها لن تقبل إلا بأن يصلوا إلى قمة التفوق، متوجين بالعلامة الكاملة، ليس في الدراسة فحسب، بل في مسيرة حياتهم بأسرها.أتحدث هنا عن شخصية أجدها مثالاً للخُلق والإخلاص، نموذجاً يُحتذى به في الجد والاجتهاد. إنها الدكتورة خلود بنت عبد اللطيف الجوهر، التي تحمل معها الخير أينما حلت، والتي تستحق منا كل التقدير والإشادة. إن حضورها ليس مجرد تجربة عابرة، بل هو إرثٌ عظيم يترك أثراً عميقاً في القلوب والعقول.
قلم سارة المطيري.