كم هو جميل شعور الأمان، والأجمل منه الثقة بالله التي تنبع من حُسن الظن به والرضا بكل الأحوال. فمع مرور الأيام، نمر بمواقف عديدة، بعضها مؤلم وبعضها مفرح، وتحاصرنا شدائد تختبر صبرنا وتكشف مدى قوتنا.
قد نصل أحياناً إلى حال نشعر فيها أننا لم نعد قادرين على الصمود، فيظلم النهار في وجوهنا، ويغشانا السواد من شدة المحن. ولكن، في تلك اللحظات العصيبة، يظهر خيط من النور يتسلل إلى قلوبنا قبل أجسادنا، كالماء البارد الذي يروي الظمآن في يومٍ حار. يغمر الروح نسيمٌ بارد مليء بالطمأنينة والسلام، وكأننا قد وجدنا في تلك اللحظة ملاذًا للروح وحصنًا للقلب من كل ما يثقل علينا.
ومما لا شك فيه، أن الأصل كلما كان ثابتاً، كان الفرع أكثر قوة، وهذه إحدى علامات الإيمان الصادق. فلو أدركنا أن كل ما يحدث معنا فيه خير، حتى وإن بدا ظاهره شراً، لرضينا حق الرضا. فلا يخشى المظلوم ضياع حقوقه، لأن اليقين الذي في قلبه أعظم وأعمق. ومهما طالت الأيام، سيشفى صدره، لأن العدالة الإلهية واقعة لا محالة.
وتظل هذه المعاني في القلب ثابتة، فاليقين لا يعرف الهزيمة ولا المدة. فكلما اشتدت المحن، تزداد قوة الإيمان، ويظل نور اليقين يضيء لنا الطريق مهما كانت الظلمات.