روى عدداً من المتعافين من الإدمان تجاربهم الشخصية والناجحة مع رحلة العلاج من الإدمان خلال ذهابهم وعودتهم من رحلة تأدية مناسك العمرة الأولى لعام 2025َم والتي سيرتها جمعية صواب لتأهيل وتوعية ورعاية المتعافين من المخدرات بمنطقة جازان وبرعاية مؤسستي سليمان الراجحي وسليمان أبانمي.
«م. ع» فضل عدم ذكر اسمه، أحد المتعافين من الإدمان والبالغ من العمر 48 عاماً، قال «تناولت جميع أنواع المخدرات منذ أن كان عمري 15 عاماً ظناً مني أنِ باحثاً عن السعادة بعد أن غرر بي أحد أصدقاء السوء، بهدف استغلال ظروفي الشخصية لكون والدي منفصلين وميسوري الحال، حيث رسم لي أوهاماً بأنِ سأكون مميزاً بين أقراني وزملائي بالمدرسة وفيها إثباتاً لذاتي، ولم أكن واعياً بأنه يريدني فريسةً سهلةً له، وفجأةً وجدت نفسي أقوم بسرقة المال من والدي دون علمهم لإرضائه من أجل ألا أتخلى عنه وللحصول على المواد المخدرة، ولم تتوقف قصتي عند هذا الحد، بل امتدت إلى أن أصبحتُ منعزلاً عن أسرتي وأقربائي حتى لايلاحظوا تغيير في سلوكياتي خشية أن يُكشف حالي، وفي كل مرة راودتني نفسي التخلي عن تلك المواد المخدرة، ولكن أجد صديقي مازال متمسكاً بي ويلاحقني أينما ذهبت، ووجدني ذات مرة حزيناً على حالي، الا أنه عاتبني ورمى علي مجموعة ألفاظ تحفيزية لإزالة الحزن عن طريق تناول مادة مخدرة أخرى، ولم أكن أعلم أنها الطامة الكبرى، حيث أصبحت أسيراً له مرة أخرى وبشدة في جميع طلباته دون تفكير، لدرجة أنِ أصبحت منبوذاً لدى أسرتي وأقاربي ومجتمعي، واشتد الحال إلى أن تدهورت صحتي وتركت تعليمي وطموحي وآمال أسرتي المتعلقة بي لكوني ابنهم الوحيد، حيث كانوا يرغبون منذ صغري أن أكون مهندساً أو طبيباً ليفتخروا بي وفي مجالسهم ولكن للأسف خيبت تلك الآمال، ورغم انتقال صديقي لمنطقة أخرى إلا أنِ رجوته عدة مرات بأن لا ينتقل ليس حباً فيه بل لأجل توفير المواد المخدرة، وبعد أن فقدوا أسرتي الأمل بي، توجهوا لجمعية صواب لتأهيل وتوعية ورعاية المتعافين من المخدرات بالمنطقة وإلتقوا منسوبيها لإحتوائي وتقديم يد العون لي، وفي البداية لم أستجب لهم ظناً مني ضعفاً وأنهم سيقوموا بإشهار اسمي، ولكن بعد إصرار أسرتي توجهت لصواب وجدتُ منهم الترحيب بي واحترام خصوصيتي والتعاون والترتيب مع مستشفى إرادة والصحة النفسية حتى أتماثل بالشفاء، وبفضل من الله تجاوزت مراحلي العلاجية بالمستشفى ثم استكملت برامجي التأهيلية مع صواب عبر مشروع الرعاية اللاحقة بعد التعافي من الإدمان».
فيما ذكر «ي.ح» فضل عدم ذكر اسمه، والبالغ من العمر 30 عاما «لقد كنت أعمل منذ 5 أعوام في وظيفة مرموقة وبراتب عالٍ في احدى القطاعات الخاصة لكونِ أحمل شهادة عليا ، وكنت حريصاً على اختيار زملائي وأصدقائي، ولكن فجأةً أصر علي أحدهم للذهاب معه لإحدى الإستراحات لمجالسة أصدقائه المقربين له، ولم أكن أعلم أني مستهدف وفريسة لمخططاتهم الخبيثة، حيث تبادلنا الأحاديث والقصص الحياتية اليومية وسط ضحكات متبادلة، وقدموا لي ضيافة عبارة عن مشروب شاي نال على اعجابي، مما جعلني أكرر صب الشاي لي مرة أخرى، وعند مغادرتنا من الإستراحة بدأتُ أشعر بالصداع ودوخة وعدم اتزان، وبعد ثلاثة أيام طلبتُ من صديقي الذهاب الى الإستراحة ذاتها والإلتقاء بالأصدقاء شريطة أن تكون ضيافتهم من نفس مذاق الشاي نفسه، عندها تفأجات من سرور وسعادة صديقي وقام على انفراد بالاتصال بهم وترتيب الزيارة لهم، وعند وصولي قاموا بتقديم الشاي نفسه وهم يتظاهرون أمامي بالسعادة الغامرة، حيث وجدتهم يتهامزون فيما بينهم أمامي، ودعتني نفسي للريبة والشك، واستأذتنهم للعودة للمنزل لإرتباطي بالعمل صباح الغد، وفي الصباح الباكر شعرتُ بأنِ بحالة صحية غير جيدة ألزمتني الفراش، ثم تفاجأتُ وجود إتصالات متكررة من رئيسي المباشر الذي استنكر غيابي عن العمل لكونه لم يعهدهُ من قبل، ولما استيقظتُ كلياً قمت بالاتصال على صديقي ذاته وشرحت له حالي وطلبت منه العودة لذات الإستراحة للإسترخاء ونسيان ماحصل لي، أيضاً أبدى سعادته وقدم لي حبة مخدرة أوهمني أنها مسكنة لتعيد نشاطي الصحي والبدني ومن ثقتي به تناولتها على الفور، وشعرتُ بتحسن ملحوظ ومؤقت وبعد ساعات قليلة طلبت منه اعطائي من نفس الحبة، وعند عودتي للمنزل لاحظت زوجتي تغيير في ملامح وجهي الذي ظهر عليه التعب، وقمت برفع الصوت عليها وكدت أن أمد يدِ عليها بالضرب لأجل أن تبتعد عني وأغلقت باب الغرفة في وجهها وهي في ذهول وتبكي ومتفاجئة من تصرفاتي الغريبة، بعد ذلك فضلت التمسك بصديقي وبدأت أطلب منه بإلحاح وإصرار بأن يعطيني نفس الحبة التي لأجد الراحة والاسترخاء الا بها، لكنِ فؤجت بقوله هذه لاتصرف الا بمبالغ عالية، فإستغربت منه ورجوته إيضاح نوعيتها لكي أتوجه لأقرب مستشفى أو صيدلية لشرائها الا أنه قال لن تجدها الا نادراً، فقلت له ابحث عنها وعلى استعداد دفع لك ماشئت في سبيل راحتي، من هذه اللحظة قال لي أنت بحاجة الى كمية تتناولها يومياً لمدة أسبوعين حتى تتماثل بالشفاء، وبدأ في ابتزازي وإعطائه أموالاً طائلة لجلبها، ثم وجدت نفسي أسيراً له ولها دون وعي، ولم أكن أعلم حينها أنِ حققت جزءاً من مرادهم ومتعاطياً للمخدرات، وأصبحت مدمناً لها لأكثر من 3 سنوات وتغيرت حياتي رأساً على عقب من الناحية العملية والأسرية، حيث لم تعد زوجتي وأطفالي يطيقوا البقاء والعيش معي خشيةً على أنفسهم. وفي داخلي شعور بالندم ولا أريد شتات عائلتي وكلما تراودني نفسي الإقلاع عنها لم استطع، حتى حضرت إحدى الملتقيات التعريفية لجمعية صواب لتأهيل وتوعية ورعاية المتعافين بالمنطقة وحول ما تقدمه من برامج ومبادرات تستهدف الراغبين عن الإقلاع من الإدمان وشرحتُ لهم حالِ وحال أسرتي وانقطاعي المتكرر عن عملي وما وصلت إليه من وضع مأساوي، وحقيقة وجدتَُ أن هناك أمل كبير جعلني قادراً عن الإقلاع ويتطلب مني عزيمة صادقة وهم بدورهم سيقوموا بمساعدتي، وبفضل الله ثم صواب تماثلت بالشفاء وعدت لعائلتي وعملي ونافعاً لمجتمعي كما كنت».
وإعتبر المستفيدين أثناء ذهابهم وعودتهم من رحلة تأدية مناسك العمرة ان تلك القصص الملهمة التي رويت من قبل المتعافين، تعدُ حافزاً كبيراً لهم وفرصة حقيقية لعدم انتكاستهم، مقدمين شكرهم لولاة الأمر – حفظهم الله – ولجمعية صواب على ماتلقوه من رعاية واهتمام.
أخبارالمناطق