في قلب الكويت، عاش الأمير محمد بن مسيلم، رحمه الله، الذي كان يُعرف بتواضعه وكرمه العظيم. كان الأمير يتجول بين الناس، يسعى دائماً لقضاء حوائجهم، من كبار المسؤولين إلى أبسط المواطنين. كان ديوانه مفتوحًا للجميع، حيث يتلقى طلباتهم ويساعدهم دون تمييز.
ذات يوم، بينما كان الأمير في ديوانه، رأى رجلاً يتوسد غترته عند بابه. اقترب منه بلطف وسأله: “يا عم، ماذا بك؟ وهل تعرف صاحب هذا البيت؟”
أجاب الرجل بحزن: “لا، والله لا أعرفه، لكنني أعرف أباه.”
سأله الأمير مرة أخرى: “إذا كنت تعرف أباه، فلماذا لم تدخل إلى الديوان؟”
رد الرجل: “طرقت الباب، ولكن لم يفتحه أحد.”
تأمل الأمير في كلماته، ثم قال: “هل تعرف صاحب الديوان؟”
أجاب الرجل: “لا، لا أعرفه.”
في تلك اللحظة، اتخذ الأمير قرارًا شجاعًا. قال: “انتظر هنا، سأعود معك لصاحب الديوان.”
ذهب الأمير إلى محل الأبواب، وطلب من الحرفي أن يخلع باب الديوان. وعندما عاد، كان يحمل الباب بين يديه، مما أظهر للجميع قيمة الفكرة التي أراد غرسها.
قبل أن يُغادر هذا العالم، أوصى الأمير أبناءه وأحفاده قائلاً: “اجعلوا ديوانكم بلا باب، ليبقى مفتوحًا للجميع. الكرم لا يُقاس بالمظاهر، بل بمدى انفتاح قلوبكم للآخرين.”
وبعد رحيله، أخذ أبناؤه وأحفاده هذه الوصية على محمل الجد. كانوا يطبقونها في حياتهم اليومية، يحافظون على ديوانهم مفتوحًا للجميع، ويستقبلون كل من يطرق الباب، سواء كان غنيًا أو فقيرًا، كبيرًا أو صغيرًا.
وهكذا، أصبحت قصة “شالع الباب” رمزا للكرم وحسن الخلق، تروى جيلاً بعد جيل، لتبقى ذكراه حية في قلوب الناس، وتستمر الأبواب مفتوحة، تعكس قيم المحبة والعطاء.