علي بن أبي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة .. كان مثالاً في الشجاعة والإيمان والتضحية .. تميز بمواقفه العظيمة في نصرة الإسلام وكان من أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. ومن أبرز ما قيل عنه حديث الرسول : ( لأعطين الراية غداً لرجل يحبه الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه )
شجاعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
1. نومه في فراش النبي ليلة الهجرة :
عندما قرر المشركون قتل النبي صلى الله عليه وسلم أشار عليه الوحي بالهجرة إلى المدينة .. فطلب النبي من علي أن ينام في فراشه ليُوهم المشركين أنه ما زال هناك متحملاً بذلك خطر الموت .. لم يتردد علي رضي الله عنه لحظة واحدة وضحّى بنفسه من أجل حماية النبي .. وعندما دخل المشركون البيت ووجدوا علياً أدركوا أن الرسول قد نجا منهم .. كانت هذه الليلة دليلاً على إيمان علي الراسخ وشجاعته التي لا تضاهى !!
2. مبارزته لعمرو بن ود وقتله في غزوة الخندق :
في غزوة الخندق عبر أحد فرسان قريش وهو عمرو بن ود إلى معسكر المسلمين متحدياً أي رجل يبارزه .. كان عمرو من أقوى فرسان العرب فهاب المسلمون مواجهته عندها نهض علي وقال : أنا له يا رسول الله .. فسمح له النبي بالخروج .. دارت معركة حامية بينهما وانتهت بسقوط عمرو بن ود صريعاً بسيف علي مما زاد المسلمين ثقة ونصرة وأصاب قريشاً بالرعب !!
3. حمله راية النصر في غزوة خيبر :
في غزوة خيبر حاول المسلمون فتح حصون اليهود لكن الأمر كان شديد الصعوبة .. عندها قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأعطين الراية غداً لرجل يحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ) فبات الصحابة يتساءلون من سيكون هذا الرجل .. وفي الصباح أعطاها النبي لعلي بن أبي طالب ودعا له بالنصر .. حمل علي الراية وقاتل بشجاعة حتى فتح الله الحصن على يديه وحقق المسلمون انتصاراً عظيماً !!
كان علي من أقرب الناس إلى النبي نشأ في بيته وتربى على يديه وكان أول من أسلم من الصبيان .. زوّجه النبي من ابنته فاطمة الزهراء فكان صهره وأبا الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .. كان علي موضع ثقة النبي حتى أنه قال له( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )
اشتهر سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالفصاحة والبلاغة في القول .. ويروى أن رجلاً من العراق جاء إليه متذمراً من كثرة الفتن والنزاعات في زمانه وقال له : يا علي منذ أن توليت أمرنا ونحن لا نعرف سوى الحروب والانقسامات .. بينما كنا في عهد عمر نعيش في استقرار ووئام ؟!
فأجابه عليٌّ بحكمة وفطنة : يا هذا أتدري لماذا ؟ .. لأن عمر كان أميراً عليَّ وعلى أمثالي أما أنا فقد أصبحت أميراً عليك وعلى أمثالك !!
يعكس هذا الموقف حكمة سيدنا علي وسرعة بديهته فهو لم ينفِ واقع الفتن .. لكنه أرجع السبب إلى طبيعة المحكومين لا إلى الحاكم نفسه .. في ذلك إشارة ضمنية إلى أن القائد مهما بلغت حكمته وقوته لا يستطيع أن يغيّر واقع الناس إذا لم يكونوا هم أنفسهم مؤهلين للتغيير !!
كما أن هذه العبارة تحمل دلالة عميقة على الفروق بين العصور حيث أن قوة الحكم ليست فقط في شخص الحاكم بل في نوعية الرعية واستعدادها للالتزام بالقيم والمبادئ. وهنا نجد درساً مهماً إصلاح المجتمعات لا يكون فقط بتغيير القادة بل بتغيير الوعي الجمعي للأفراد !!
كان علي بن أبي طالب نموذجاً فريداً في الشجاعة والإيمان .. فحياته مليئة بالمواقف البطولية التي خلدها التاريخ .. ظل ثابتاً على الحق حتى آخر لحظة من حياته .. واستشهد في سبيل الله وهو يؤدي رسالته .. فسلامٌ عليه في الأولين والآخرين .
–
فيصل خزيم العنزي