الأربعاء, 4 شوّال 1446 هجريا, 2 أبريل 2025 ميلاديا.
مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الأربعاء, 4 شوّال 1446هـ

الفجر
04:54 ص
الشروق
06:13 ص
الظهر
12:25 م
العصر
03:53 م
المغرب
06:38 م
العشاء
08:08 م

الموجز الأخبار ي »»

المشاهدات : 7081
التعليقات: 0

يا أجمل الأعياد

يا أجمل الأعياد
https://www.alshaamal.com/?p=290030

نسمات السماء تُحيي أرواحَ الأرض.
العيدُ من العطايا الإلهيةٌ تُعلِن أنَّ الصبرَ لم يذهب سُدًى، وأنَّ السجودَ لم يَخْفَ في سجاد المساجد، بل تحوّل إلى زادٍ روحيٍّ يَرفع الأكفَّ إلى السماء شاكرَةً:

” الحمد لله على التمام والكمال، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى”.

هو مِنحةٌ من ربٍّ كريمٍ يُذكّرنا بأنَّ الفرحَ عبادةٌ، والابتسامةَ صدقةٌ، والتواصلَ جسرٌ إلى رحمته. فكما أنَّ للصائمين أجراً – بقوله: ” وأنا أجزى به ” – ،
فكيف بفرحةٍ اختلطتْ بشكرِ الصابرين؟!

العيدُ.. لغةُ القلوب قبل الألسنة :
ليست عباراتُ التهنئةِ مجرّدَ كلماتٍ تُردَّد، بل هي جذورٌ عميقةٌ في أرض الإيمان.
فحين نقول:
“عيدكم مبارك” : نزرعُ في الأرواح أمنيةً بأنْ يُباركَ الله في أيامهم.
وحين نُردّد: “تقبّل الله طاعاتكم” :
نُذكّر أنفسَنا بأنَّ القبولَ هو الغايةُ التي يُناضل من أجلها الصائمون.
حتى التحيةُ البسيطة: “كل عام وأنتم بخير” :
تحملُ دعوةً بأنْ يظلَّ الخيرُ رفيقَهم في كلِّ عامٍ، كأنما العيدُ يُعيدُ تشكيلَ الذكرياتِ بفرحٍ لا ينضب.

سُننُ النبي ﷺ .. إرشادٌ لِفنِّ الفرح :
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُغيّرُ طريقَ عودته من المصلى، ليس لأنَّ الطرقَ اختلفتْ، بل لِيُعلّمنا أنَّ الفرحَ الحقيقيَّ يَصنعُ مساراتٍ جديدةً في القلوب.
وكان يُكبّرُ من غُروب الشمس ليلةَ العيد حتى صلاةِ العيد، فتَهتزُّ الأحياءُ بتكبيراتٍ تذكّرُ الجميعَ بأنَّ الفرحَ ليس حكراً على أحد.
حتى أنَّ الصحابةَ رضوان الله عليهم كانوا يَخرجون إلى الساحاتِ يرددون : “الله أكبر” تهزُّ أركانَ الأرض، وكأنما التكبيرُ يُعيدُ تشكيلَ العالمِ من حولهم.

العيدُ.. مُناسبةٌ لِكسرِ القيود :
لماذا نعبّر ببعض العبارات مثل:
“لا نراكم إلا في الأعياد” ،
بينما نستطيعُ تحويلَها إلى جسرٍ للمحبةِ بقولنا: “فرحٌ لرؤيتكم”؟!
العيدُ يدعونا إلى “التغافل” الحكيم؛ أن نَغضَّ الطرفَ عن الهفوات، ونَملأَ المساحاتِ بابتسامةٍ تُذيبُ جليدَ الشتاءِ بين القلوب.

العباراتُ التقليدية.. هي شجرة ذات جذورٍ في القلب والعقل :
وراء كلِّ عبارةٍ نردّدها في العيد حكايةٌ إنسانيةٌ تختلطُ بالروحانيات:
– “عاد عيدكم” :
ليست مجرّدَ تمنّي تكرار المناسبة، بل دعوةٌ لأنْ تَظلَّ البركةُ تعودُ مع كلِّ فرحٍ.
– “عساكم من عواده”:
هي أمنيةٌ بأنْ تَظلّوا أحياءً تُحيون سننَ الفرحِ، فالعيدُ ليس تاريخاً في التقويم، بل ذكرى في القلب.
– “كل عام وأنتم بخير”:

عهدٌ بين الأرواح بأنْ يظلَّ الخيرُ رفيقَهم، حتى في زمنِ الشدائد.

العيدُ.. لقاءُ الغني والفقير :
لا ينسى الإسلامُ أنْ يَجعلَ من الفرحِ مسؤوليةً اجتماعيةً، فقبل أن تَبدأ موائدُ الأكل، يأتي النداءُ الإلهي:
“لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”
(الحج: ٢٨).
لذلك، كانت زكاةُ الفطر قبل الصلاة؛ لئلا يَبقى جائعٌ في يومِ الفرح.
الخاتمة: فُسحةُ الأمل.
العيدُ قبسٌ من نورٍ يُعلّمنا أنَّ الفرحَ متجدد.
وكما في الحديث:
” أنَّ اللَّهَ ﷻ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ” .
فلنَحمِلْ فرحَنا كهديةٍ إلى كلِّ مَن حولنا، ولنَصنعْ من عباراتِ التهنئةِ جسراً إلى القلوب، ولنجعلْ من ابتسامتِنا نوراً يُضيءُ دروبَ من أرهقَتْهُ الأيام.
لنُبادرْ بالسؤالِ قبل أن يُسألَ عنّا، ولنعُدَ المريضَ، ونواسيَ الوحيد، ونُشعرَ الجميعَ أنَّ العيدَ ليسَ يومًا في التقويمِ بل لحظةٌ من الحُبِّ تُحيا في القلوب.
لا نتركْ أحدًا على هامشِ الفرح، ولا نُقصي روحًا عن مائدةِ البهجة، فالعيدُ متسعٌ للجميع، ومن وسَّعَ على الناسِ وسَّعَ اللهُ عليه.
إنَّ أجملَ الأعيادِ ليسَ ما تأتينا فيهِ الهدايا، بل ما نكونُ فيهِ نحنَ هديةً لمن حولنا، وما نسقي فيهِ الأرواحَ بماءِ الوُدِّ حتى تُزهِر.
فلنُعلنْ أنَّ الفرحَ عبادةٌ، وأنَّ البشاشةَ صدقةٌ، وأنَّ لنا في كلِّ عيدٍ فرصةً جديدةً لنكونَ أجملَ مما كنا، ولنتركَ للحياةِ أثراً طيّبًا يُشرقُ كلّما عادَ العيدُ من جديد.
‏”هنيئاً لك العيدُ الذي أنت عيدهُ
‏وأنك من فيضِ البهاءِ تزيده
وإني إذ أهداك غيري ورودهُ
‏سأُهديك قلباً أنت فيهِ وريدهُ”
.
بقلم
د/ يحيي عبدالعال عبدالعزيز

التعليقات (٠) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>