الأربعاء, 4 شوّال 1446 هجريا, 2 أبريل 2025 ميلاديا.
مواقيت الصلاة

مواقيت الصلاه بحسب التوقيت المحلى لمدينة المدينة المنورة ليوم الأربعاء, 4 شوّال 1446هـ

الفجر
04:54 ص
الشروق
06:13 ص
الظهر
12:25 م
العصر
03:53 م
المغرب
06:38 م
العشاء
08:08 م

الموجز الأخبار ي »»

المشاهدات : 6424
التعليقات: 0

*حينما تزكّي روحك، لا يبقى للحرمان معنى..*

*حينما تزكّي روحك، لا يبقى للحرمان معنى..*
https://www.alshaamal.com/?p=290033

العيد ليس ثوبًا جديدًا، ولا موائد ممتدة، ولا زينة تتلألأ في الأرجاء. العيد شعورٌ نقي، لا يكتمل إلا حين يتقاسمه الجميع. لكنه ليس شعورًا يولد من فراغ، بل هناك مفتاحٌ له، سرٌ يجعل الفرح أكثر صفاءً وأعمق أثرًا. ذلك السر يكمن في العطاء، في زكاة الفطر تحديدًا، في تلك الشعيرة التي تبدو بسيطة لكنها تحمل من الحكمة ما يجعلها جسرًا بين الامتنان والبهجة، وبين الإحسان والاكتمال.

لم يكن فرض زكاة الفطر مجرد تشريع مالي، بل فلسفة إنسانية تعيد التوازن إلى المجتمع قبل أن يستقبل العيد. هي ليست إحسانًا من الغني إلى الفقير، بل إحسانٌ من الإنسان إلى نفسه، تطهيرٌ للقلب قبل أن يكون سدًّا للحاجة، وتذكيرٌ بأن الفرح لا يكون فرحًا إلا إذا لامس الجميع.
لماذا تكون طعامًا وليست مالًا؟
لأن الجائع لا يحتاج إلى أرقامٍ تُضاف إلى حسابه، بل إلى لُقمة تحفظ كرامته وتشعره بأن العيد له أيضًا، وليس فقط لمن استطاع إليه سبيلًا.
ولماذا هي واجبة على كل قادر؟
لأن التكافل ليس ترفًا اجتماعيًا، بل جزءٌ من نسيج الحياة، ولأن الفقير ليس غريبًا عنك، بل هو شريكك في الأرض، ومرآةٌ قد تعكس حالك يومًا ما.
ولماذا تُخرج قبل العيد؟
لأن العيد ليس لمن يرتدي الجديد فقط، بل لمن يجد في صباحه ما يسد جوعه، ولأن الفرح الحقيقي لا يشرق إلا إذا بدأ الجميع صباحهم بالشعور ذاته: *الاكتفاء*.

حين تخرج زكاة الفطر، أنت لا تخرج شيئًا من جيبك فقط، بل تخرج جزءًا من أنانيتك، من خوفك من الفقد، من إحساسك بالانفصال عن الآخرين. إنها ليست مجرد صدقة، بل اختبارٌ للقلب الذي يعطي. هل يستطيع أن يتحرر من التملك، أن يفهم أن العطاء ليس نقصانًا بل امتدادٌ للروح، أن يُدرك أن اليد التي تعطي هي التي تمتلئ حقًا؟
في عالمٍ يزداد فيه التباعد المادي، تأتي زكاة الفطر لتقول: نحن واحد. في إنسانيتنا، في احتياجاتنا، في فرحنا وفي معاناتنا. إن حبة القمح التي تمنحها اليوم، قد تكون هي التي تحفظك غدًا من شعور العجز أو الوحدة.

تخيّل لو أن زكاة الفطر ليست مجرد عادة تُؤدَّى، بل وعي يتجدد، أن نبدأ كل عيد بفكرة: كيف أجعل فرحي مشتركًا؟ كيف أساهم في أن لا يشعر أحدٌ بالنقص في يوم الامتلاء؟
عندها فقط، يصبح العيد أكثر من مناسبة، يصبح حالة… وعندها فقط، يدرك الإنسان أن العطاء ليس مجرد عبادة، بل هو أعمق أشكال الاحتفاء بالحياة.

فلتكن زكاتك هذا العام رسالةً منك إلى الحياة: أن الخير لا ينضب، وأن العيد ليس زينة وأضواء، بل بسمة ترتسم على وجه من ظنّ أن الفرح قد تجاوزه.

بقلم/ أ.شريفه المالكي

التعليقات (٠) أضف تعليق

أضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>