حينما نتأمل في جميع المهن الموجودة في الحياة أيا كانت تلك المهن ستجد أن مهنة التعليم هي المهنة التي تتقدمها إذ أنك لن تجد مهنة تقوم دون أن يكون هناك تعليم ومعلم فكل المهن لا تنهض إلا بمعلميها
ويكفي الإنسانية شرفا أن يكون معلمها الأول في هذه الأمة هو محمد عليه الصلاة والسلام هذا النبي الذي أتى معلما ليشع نور علمه أرجاء الكون أخبر عن ربه بقوله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)
أيها المعلم إنك شرف هذه الأمة فأنت حامل لواء المجد لها إرثا عن نبيك عليه الصلاة والسلام الذي لم يورث دينارا ولا درهما وإنما ورث العلم الذي من اخذ به اخذ بحظ وافر
إن الثورات الصناعية وما قامت عليه حضارات الأمم ما كانت لتقوم لولا المعلم فهي حضارة شاهدة على فضله ومكانته
وكفى بالمعلم فخرا وفضلا أن تقرأ عنه هذا الحديث العظيم الذي يرويه أبو أمامة الباهلي حيث قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته واهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.
وإن المتأمل في كتاب الله تعالى ليتجلى له مكانة التعليم وأنها مهنة ربانية فأول آية هي (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. اقرا وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الانسان مالم يعلم). واقسم بالكتابة في قوله (ن. والقلم وما يسطرون) وأثنى على العلماء في قوله (إنما يخشى الله من عباده العلماء)
يقول شوقي:
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا
كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي
يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ
علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى
أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماته
ِوهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا
وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ، تـارةً
صديء الحديدِ، وتارةً مصقولا
حينما أوقف الله ملائكته أمام آدم عليه السلام رفع منزلته عليهم بالعلم وقال له عند عجزهم أنبئهم بأسمائهم فأنبأهم بها ثم أسجد له الملائكة رفعة له بما حباه الله تعالى من العلم وإقامة الخلافة في الأرض
مهنة التعليم قدسية المكانة علوية الشرف عظيمة القدر كبيرة الشأن
حينما يغيب المعلم يظهر الجهل والفساد ويعظم الشر والبلاء وحين يوجد المعلم تخرج الأمة من ظلام الجهل الى نور العلم
إنها مضمون أخلاقي ومعرفي وديني واجتماعي مهنة تعني الحياة بمعانيها المتكاملة في الوجود من التطور والتقدم والسير نحو العلو والرفعة والسعادة
بقلم : حسن عيسى الدش