تخيَّلوا هناك من يعيش بيننا، ويعتقدُ أننا مُلزمون بكل كلمة يقولها، وعلينا أن نوافقه، فقوله الفَصْل.
.. لماذا يعتقد البعض بأننا سُذج، وعلينا أن نقف معهم أينما وقفوا، ونردد حديث أنفسهم قبل أن ينطقوه، نحنُ في عصرٍ يؤمن بالجميع، ويسمع حديثَ الكل، وبعدها لن يصحَّ إلا الصحيح.
لماذا تُلزمني بأن أكون قبيلتك، وتابعًا لعاداتك؟.. والنظام أصبح أكبر وأشمل.
وطن أكبر مني ومنك يتلاشى، ويصغُر أمامه الجميع، وتختفي الأنا، وتظهر نحن.
فهل لا يزال البعض تلفته الصغائر، وكأنه لم يدرك أن الزمان غير زمانه، فهو إلى يومنا هذا يتشبث بمقولة قالها جده الخامس عشر، عن فضل دخول المجلس من الباب الأيمن للرجال، والأيسر للنساء، وعندما تسأله لماذا؟ يقول لك: هذه حكمة لا يعلمها إلا صاحبها، وعلينا أن نُطبقها نقلًا عنه أثابكم الله.
ويأتي آخر بما يُشبه الشعوذة في سلوك تخطاه الماضي والحاضر، بحجة المتوارث عن قبيلته العريقة، وكأنَّ باقي البشر نبتة شيطانية، ليس لهم وزن أو قيمة، فقد حازت قبيلته ومن يُنسب لها ذاك الشرف وجمعته من أطرافه، ولم تبقَّ لنا شيءٌ نفاخر به غير إرثه هو وقبيلته.
من يشاهد حالنا، وفينا كل نماذج المجتمع الحديث، ثم يشاهد تصرفات كل هؤلاء، يصفق كفًّا بكف، ويقول: لماذا؟
ألا يوجد رجل رشيد يخرج من بينهم قائلا: يا قوم عُودوا إلى رشدكم، فنحن نعيش في الألفية الجديدة، وأنتم كمَن نام مثلها، ثم استيقظ فجأة على صراخ طفل جائع، فلم يجد شيئا ليُطعمه، وأعجزه طول بكائه، فألقى به في بئر سحيقة شديدة الظلمة، ثم أخذ يندب حظه وحظ هذا المسكين، وكأنه يقول: “بئس المكسب وبئس الخسارة”.
نحن المنظرون لا نرى ولانسمع، نجيد الحديث ونحب الثناء، ونتسول الإشاده هنا وهناك، ونكره السعادة عندما تأتي خلافَ ما كنا نراه.
———————-
ومضة:
“لا تبحث عن رضا الناس، فتفقد ذاتك”.
للكاتب : عائض الأحمد