أنْ تقتدى بشخص، وتجعله مَثَلك الأعلى، وتسير على خُطاه، وتتابع أعماله التى يقوم بها، ثم تحاول استنساخها أو تقليدها فيما يعود عليك بالنفع والفائدة، فلا شيء في ذلك.
لكنَّ الملاحظ، وهذا هو غير العادى أو المتعارف عليه، أنَّ هناك من يقول أنا القدوة، وعليكم الاقتداء بي، فإن لم يكن تلميحًا فهو تصريح، وهذا والله من عجائب الأمور؛ فمنذ خلق الله الأرض لم نقرأ بأن نبيًا أو رسولُا قال أنا قدوتكم، وإنما يقول اعملوا وسيرى الله عملكم.
هُناك من يحاول أن يجعل من نفسه وصيًّا على الناس، وعلى حياتهم وخصوصياتهم، فى كل مرة تجده يردد أنا أفعل هذه وأجتنب تلك، هذه حلال والأخرى حرام، وتجد في وجهه غضب الدنيا والآخرة، إن لم تجاريه وتقتدى بأفعاله وأقواله.
لم أجد عالما أو مشهورا أو صاحب مكانة اجتماعية، يتحدث عن نفسه، ويقدمها بهذه الاستثنائية الفجة.. أمثال هؤلاء، كيف لنا أن نتعايش معهم وقد جَعلوا من أنفسهم مِثَالا يُحتذى وخارطة طريق كلها صواب لا خطأ فيها؟!!!
أمثالهم يعيدونك إلى حقبة لم تعتدها، وإلى زمان لم تُولد فيه، وعصر تخطاه الأوان، وفاته ومر به الأجداد وأحفادهم من بعد.
القدوة الحسنة من سلم الناس من يده ولسانه، وقدم الجميل المفيد لبلده وشعبه: قولا وعملا، وليس ممن يتتبع أخطاء غيره، ثم يجعلها سيرة وحكاية يتناقلها العاقل والجاهل ليخرجه من إنسانيته تارة، ثم من محيطه تارة أخرى، ليقول: أنا من يمتلك الحقيقة، أنا حارس الأخلاق ومبعوث السلام.
القدوة قد تكون في عمل مميز شعرت بأنه يُلامس روحك في لحظات معينة، وهكذا هي الحياة لن تجد كل ما يُبهرك في شخص واحد فقط .
لو سألتني: من قدوتك؟ فلن أجد أجدر منى؛ لأنَّني لن أستطيع أن أكون غيري مهما حاولت.
وبذلك أختم: ليس كل ما تشاهده أو تعتقد بصحته حقيقة مطلقة، نحن نتعلم كل يوم، وسنظل كذلك، فليس للعلم والمعرفة حدٌّ أو نهاية.