إنه ليعلو ولا يعلى عليه

سورة من القرآن الكريم 54 اية فيها كل ماحدث اثناء نشأة الكون وما سيحدث في نهاية العالم وفيها حقائق التوحيد الاساسية و العظمى التي دارت حولها الإشكاليات بين الرسل ومعارضيهم .
عندما أتأمل في اسلوب صياغتها وتركيب مفرداتها وطريقة الخطاب الموجه للعقل البشري فيها اقف مبهورا من طريقة الصياغة وتركيب المفردات وأساليب الإقناع الموجودة في آياتها .
بَدَأَتْ بطريقة بليغة جدا واخذت تترقى وتصعد حتى انتهت بآية تزن السماوات والارض .
وفي الحقيقة القرآن كله عظيم لكن هذه السورة نزلت في مكة وهي إحدى السور التي جعلت بلغاء قريش المنكرين يتوارون خجلا بسبب عجزهم أن يردوا عليها أو يفنِّدوا حججها .
(وهي سورة فصلت)
سمع الوليد بن المغيرة بعض آياتها عندما ذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم محاولا ان ثنيه عن الدعوة الى الله حيث قال له ( يا محمد انك فرقت قومنا وسفهت ابائنا وسببت الهتنا فان كان هذا الامر الذى يصيبك مرض جمعنا لك من الاموال حتى نأتي لك باحسن الاطباء ليشفوك وان كنت تريد من هذا الامر المال فنجمع لك من الاموال حتى تكون اغنانا وان كنت تريد الشرف جعلناك سيدا علينا وان كنت تريد الملك ملكناك علينا وان كنت تريد النساء زوجناك من تشاء من نسائنا)
وظل النبى يسمع منصتًا اليه ولم يقاطعه ابدا فى كلامه وعندما انتهى
قال النبى : افرغت
قال الوليد : نعم
فقال النبى : فاسمع منى
فقرا النبى ايات من سوره فصلت
بسم الله الرحمن الرحيم ” حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت ءايته قرءانا عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا فاعرض اكثرهم فهم لا يسمعون * وقالوا قلوبنا فى اكنه مما تدعونا اليه وفى اذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل اننا عاملون * قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى أنما الاهكم اله واحد فاستقيموا اليه واستغفروه وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاه وهم بالاخره هم كافرون * ان الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون * قل ائنكم لتكفرون بالذى خلق الارض فى يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها فى اربعه ايام سواء للسائلين * ثم استوى الى السماء وهى دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات فى يومين واوحى فى كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم * فان اعرضوا فقل انذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ”
وعند هذه الايه فزع الوليد بن المغيره وقام من مكانه ووضع يده على فم النبى لكى لا يكمل
وقال : ناشدتك الله والرحم ناشدتك الله والرحم ( من شده خوفه من ان تنزل الصاعقه )
ثم رجع وجلس مكانه ثم اكمل النبى ايات سوره فصلت حتى وصل الى السجده الموجوده فى السوره فقام النبى وسجد لله
ثم قام النبى وقال : هذا ما عندى
ولم يقل النبى اكثر من ذلك للوليد
فقام الوليد من مكانه مذهول جدا من الكلام الذى سمعه ورجع الى قريش فى دار الندوة
واول ما دخل عليهم مندهش قالوا : والله لقد جائكم بغير الوجه الذى ذهب به
فجلس اليهم وقالوا ماذا حدث
قال : سمعت كلاما والله ما سمعت مثله قط
وقال : ان لقوله لحلاوه وان لعليه لطلاوه وان اعلاه لمثمر وان اسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى عليه
فقالوا : يا ابا الوليد أصبأت ( اى تركت دينك ودخلت الاسلام)
فقال : لا ما صبات لكن والله ماسمعت مثل هذا الكلام قط
قالوا : هذا شعر
قال : والله ما فى احد من الجالسين يعرف الشعر كما اعرفه انا
قالوا : اذن كاهن
قال : انى اعرف الكهنه وليس فى هذا من امر الكهانه شيء
قالوا : مجنون
قال : لا ليس هذا بمجنون
قالوا : ساحر
قال: ليس فى هذا الامر سحر
ثم قال : يا قوم تطيعونى
قالوا : قل
قال : اخيركم بين امرين
قالوا : ما هم
قال : الامر الاول تتبعونه فان كلامه الحق
قالوا : سحرك
قال : ان ابيتم تختاروا الامر الثانى
قالوا : ما هو
قال : اتركوه وخلوا بينه وبين الناس فان ظهر على الناس فعزه عزكم وشرفه شرفكم وان قتلوه فهذا ما تريدون
قالوا : لا والله ما نخلى بينه وبين الناس
فقال الوليد : اذن يكون اقرب شىء هو ان تقولوا عليه ساحر ( اى تقولوا بين الناس انه ساحر )
ثم بعد ان كان يحاول ان يهدى الناس انقلب واخذ يسب النبى
فنزلت فيه الايات
بسم الله الرحمن الرحيم ” ذرنى ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع ان ازيد * كلا انه كان لاياتنا عنيدا * سارهقه صعودا * انه فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم ادبر واستكبر * فقال ان هذا الا سحر يؤثر * ان هذا الا قول البشر * ساصليه سقر (سورة المدثر 11)
ويحق لكل علماء ومفكري وفلاسفة العالم وعلماء اللغة و اساتذة الادب العالمي أن يجلسوا تلاميذ بين يدي سورة فصلت .

بقلم – أحمد ابوالخير معافا