تحتضن محافظة الوجه إحدى محافظات منطقة تبوك على سواحل البحر الأحمر من الجهة الشمالية الغربية للمملكة معالم أثرية أرجعتها المصادر التاريخية إلى حضارات قديمة تعود إلى آلاف السنين، وآثار متنوعة تحكي عن حقب زمنية عاشتها مجموعات بشرية في مراحل ما قبل الإسلام وفي صدره، مما جعلها حاضرة في مؤلفات عدد كبير من الرحالة المسلمين والمستشرقين الذين زاروها ووثقوا زيارتهم، ومنهم الرحالة الإنجليزي تشارلز دوتي حيث ذكر في كتابه “ترحال في صحراء الجزيرة العربية” أنه وجد آثاراً كثيرة في هذه المنطقة.
ويُعد مركز أبو راكة الذي يبعد عن محافظة الوجه قرابة 160 كم من الجهة الشرقية متحفاً مفتوحاً في وجه الطبيعة لكثرة النقوش التاريخية فيه الثامودية واللحيانية والديدانية وأيضا النقوش الإسلامية.
“فالنقوش الثمودية” هي تسمية جامعة لنوع من النقوش الجزرية التي كتبت في خط المسند وتختلف هذه النقوش في شكل بعض الحروف وطريقة الكتابة عن خط المسند التقليدي أما “النقوش الثمودية” هي تسمية لأحد أنواع الكتابة الجزرية الجنوبية ولا يقصد بها لغة محدّدة بل تم الاصطلاح عليها من قبل المختصّين لمجموعة من النقوش المكتوبة بخط محرف من خط المسند ريثما يتم ترجمتها نقوشها، وهي مكتوبة بعدة لهجات من عربية جنوبية قديمة في شبه الجزيرة العربية, وسميت هذه النقوش باسم الثمودية نسبة إلى مدينة ثمود في حضرموت باليمن حيث اكتشفت هناك أول مرة.
أما الكتابة اللحيانية أو الخط اللحياني هو أحد الخطوط العربية الذي كان منتشرًا في شمال شبه الجزيرة العربية ، وبالتحديد في مملكة لحيان التي اتخذت من الحجر عاصمة لها في الفترة (900 ق.م – 200 ق.م) أما الكتابة الديدانية هي نسبة لمملكة دادان التي عاصمتها العلا حالياً.
التقت “واس “بأحد الباحثين والمهتمين في تاريخ المنطقة علي بن سليمان البلوي الذي أوضح أن العديد من الرسوم التي جرى الكشف عنها في مركز أبو راكة تعود إلى تاريخ ما قبل الإسلام، حيث تم التعرف على بعض النقوش الثمودية فيها , كما تعد الرسوم الصخرية والنقوش والكتابات من أهم المصادر في دراسة الحضارة العربية والإسلامية في شبه الجزيرة العربية.
وبين الباحث البلوي أن مركز أبو راكة و المراكز التابعة له الشهيبة والنشيفة ومنطقة الجو والجزل والبليطيح هي مراكز يكثر فيها نقوش تاريخية متنوعه منها الدادانية واللحيانية والثمودية والرومانية , إضافة إلى تواجد النقوش الإسلامية ، بحكم أن المنطقة كانت على طريق درب الحجاج منذ القدم.
وأشار البلوي أن منطقة الجزل يكثر فيها كذلك النقوش ذات الرسوم التي ترمز لعلامات منها نقوش النعام وطريقة اصطيادها والمها العربي والثيران والنمور والأسود والأفاعي، كما شملت الرسوم الحيوانات بأنواعها كالأبقار والوعول والجمال والخيول، إضافة إلى رسوم لمعارك قامت في هذه المنطقة، كما يوجد بالمنطقة نقوش للأحصنة والفرسان والأقواس؛ مما يدل على عبور القوافل لهذه المنطقة, كما تحتوى المنطقة على رسوم حجرية في أشكال بشرية تفاوت أسلوب تنفيذها، فقد رسم منها بأسلوب النحت الكلي، وبعضها بالشكل التخطيطي وبالطريقة العودية البسطة، وبعضها تجريدي وبعضها يتضمن خناجر وسيوفاً ويحمل أقواساً ورماحاً.
من جهته، أفاد رئيس العناية بالتراث الوطني بمنطقة تبوك عبدالإله الفارس أن مواقع أبو راكة والقرى المجاورة تحوي العديد من التلال الأثرية والنقوش والرسومات الصخرية التاريخية منها العديد من النقوش الثمودية والنقوش بالخط النبطي وكتابات إسلامية مبكرة بالخط الكوفي وفقاً للعديد من المسوحات والمسح الأثري من قبل مختصين وباحثين بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ، مضيفاً أنه تم تسجيل العديد من المواقع في سجل الآثار الوطني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال السنوات الماضية وأيضا تم تسجيل مواقع حديثة خلال الفترة من عام 2015 م حتى 2018 م وهي: موقع هضبة العبد وسربوط المكيمن والمثقلة 1 والمثقلة 3 و أسيلع و الرمام والعلو 1 والعلو 3 والعلو 4 و الخفيج 5 و تذرع 2 تذرع 4 وتذرع 5 تذرع 6.
عدسة “واس” كان لها حضور في المتحف الطبيعي “مركز أبو راكة” ووثقت بالصور بعض النقوش التاريخية والإسلامية الموجودة بالمنطقة.
الأخبار الثقافية