لا يُوجد كائن حي على وجه الأرض بدون انتماء، ارحل وتنقل وحب ما تشاء، وفي نهايه الأمر ستعود إلى موقعك، وتحن لديارك مهما قَسَت عليك الحياة، وتقاذفتك الأقدار، ستأتي طائعا دون نداء.
الانتماء ليس وطنًا تحمل ما يثبت انتسابك له فقط، إنه المسرح الكبير الذي تتم عليه كل تفاصيل الحكاية من البدء إلى النهاية، إنه المكان الوحيد الذي يقبل ويتقبل الجميع بكل أطيافهم ومعتقداتهم، فليست فكرة تقبلها أو رأيا ترفضه.
الإنسان بطبعه يعيش ويتعايش مع محيطه، ويتشرب كل معطيات وتناقضات ومسلمات ذلك المحيط، ثم ينتمي له وتجده المدافع الأول عنه سواء كان في قمة حضارته أو في أسوأ حالاته، وكانت أمي تقول “أدعي على ابني، وأكره من يقول أمين”.
هناك شعوب تصل إلى أعلى درجات التعصب إلى كل ما هو وطني ويحمل اسم الوطن، ظنًا منهم أن ذلك هو الانتماء، وغير ذلك يعني أنك خائن، ولست جديرا بأن تحمل لواءه، ثم يتسابقون على طلب الهجرة والرحيل غير عابئين أو متسائلين: هل كنا نستطيع أن نفعل شيئا هنا؟
وهذا يعني أن الحب أو العشق أو التعصب شيء آخر لا علاقة له بجذور شخص ينتمي ويرتوي من هذه الأرض التى تسمَّى الوطن.
يقول أحدهم أنا فقير لا أملك شيئا على هذه الأرض، ونقول له أنت تملك كل هذه الأرض، وتنتمى لها، وهو الشيء الذي لن تستطيع قوة أن تنكره عليك، فأنت الأرض والأرض أنت. قد تعيش أياما دون غذاء، ولكن لن تشعر بالطمأنينة لحظة واحدة وأنت خالي الروح والوجدان والفكر دون انتماء.
هذه أرضي وفراشى، وسماؤها غطائي ولحافي، ولها في داخلى جل ثنائي، ليس لي غيرها وطنًا، إنها رمز انتمائي، تحكي غراما عاش في وجداني… هكذا نُردد دائما عندما نشتاق لأرض الانتماء، أرض الوطن، أرض حب كبر ويكبر وسيظل كبيرا طالما نحن نجاهر بانتمائنا وولائنا لأرضك يا وطن.
يُقال إنَّ المحب قد يحب واحدة، ويُفتن بغيرها، ولكن المنتمي يظل صامدا لا تغيِّره سعادة أو حزن، غنيًّا كان أو فقيرا. الفرق هنا واضح، لسنا بحاجة لصاحب رأى أو عالم لغة أو دين ليشرح لنا أنها الفطرة السليمة والانتماء الحق، هذا فقط كل شيء.