تنأى بنفسك وتتخذ ذاك الركن القصي الهادى، وتضع يدك على خدك تعجبًا، ثم على رأسك وجلًا، تفتح فاك؛ دهشة، يا إلهي.. ما هذا؟! كيف لهم ثم كيف لنا هذا الصمت القاتل، وهذا التأمل دون حراك؟!
سُلطة اللسان لا تعني أنك تملك الحق دائمًا، إن كان حباك الله، وجعل منك أحبالًا صوتية، تشُدُّ بها المغفلين وأشباه المثقفين، وعامة الدهماء، فهذا أقصى ما تستطيع، وقد يجانبك المنطق، وتلفظك الواقعية، وتتبرأ منك الأخلاق.
الحق والباطل وجهان مُختلفان يجتمعان في رجلٍ واحدٍ، وربما في القول والعمل، فتراه الباطل وغيرك الحق إن كان يخدم وجهتك وتوجهك ويضفي على مصالحك الشرعية التي تنشدها ويقيك سؤال الأغلبية. وكل ذي لب يختار مساره ويعلم أين سيصل به المُنتهى.
لن تكون بحاجة لناصح أو فيلسوف يشرح لك عدالة السماء، ولن تحتاج معجزات تنتشل هؤلاء الحمقى لتقول لهم تعلموا ومارسوا الفرح، اشعروا بالحياة، اشعلوا قناديل الأفراح، دعوا الناس تمارس طبيعتها وتختلي بأفكارها، تتأمل الجمال، تتحدث عنه، تجعله أسلوب حياة.
هذه المناكفات تفسد أفراحكم، وترهق أفكاركم، وتعود بكم إلى أيام جاهليتكم حقدًا وحسدًا ونكرانًا.
إنَّ الإنسان العربي تاريخه مملوء بالمفارقات، والأكثر غرابة هو استحضارها في كل مرة ثم التندر عليها بعد أن يفضي إلى ما يريد.
كنت أظن أن المرضى فقط هم من يحتاجون لجلسات علاج، ولكن السعداء أصحاب الإنجاز يحتاجونه أكثر من غيرهم. فالقناعة والرضا ليست همس شفاه، أو تبادل عبارات، أو ترديد مقولات، هي أعمق عندما تجعلها مزارًا يوميًّا، تقف أمامه طالبًا المزيد ثم تنفض كل ما علق بك وتدع خلفك ما وقع دون التفاتة أو عودة.
حدثه مُبتسمًا لو كنت لي ما وقعت وإنما كتبت لغيري.. فهنئياً لك أينما سكنت وتربعت غير آبه بمردد كان يستحقها فهجرته وطلبت ود من دفع ثمن ودها، ولا تقع في سوء أفعالك وتطلب من منافسيك التهنئة، فالتواضع قيمة وقيم تستطيع تعلمها متى أردت، ولا تستفز خصومك فتخسر مناصريك والعقلاء المحايدين، واعلم أنَّ الكلمة السيئة لا تغتفر إن صدرت من عاقل فقد يتلقفها أكثر النَّاس جهلًا مستشهدًا بك؛ فتحمل وزرها، وجهل من روجها وجال بها بائعًا لثلة هذه تجارتها وهذا منتهى غايتها، فلن يضاهيك أحد ولن تكون مثله أبدًا حينما تنظر إلى الأمام متعقبًا خطوات ضميرك، سائرًا بنور عقلك، مستشعرًا قوة إرادتك، ولا تعاملني بما تعلم وإنما بما أعلم أن كنت تريد أن نصل معاً.
متى نكف أذى فرحتنا ونجعلها خاصة في سياق الأنصار المحبين؟ وليس لذر الرماد وإثارة عواطف وانفعالات الكارهين؛ فنخرج من استحقاق جنيناه إلى عقاب وتنابز لا نهاية له، يجعل من أحدنا متربصًا بالآخر وكأنها نهاية أفراح وبداية أحقاد.
******
ومضة:
إن كنت تحتاج لكل هذا لتعبر عن أفراحك، فستظل أشقى الفرحين.
للكاتب : عائض الأحمد