(وصيّ، وصاية، أوصياء) جميعها تعني من يقوم على شؤون القاصرين وتولي أمرهم بعد وفاة عائلهم وكبيرهم؛ ليرعى مصالحهم إلى أن يبلغوا رشدهم ثم يسلموا ما ائتمنوا عليه.
وما يحدث هذه الأيام هو فرض للوصاية على المجتمع وتعددت مصادرها للأسف بمختلف وسائل الظهور الإعلامي ما بين مثقفين، وكتاب، واقتصاديين، ورجال دين، ومحللين في شتى المجالات.
والجميع يدعي المثالية، ويعتقد أنّه الأحق بأن يملي على النَّاس أفكاره وآراءه ويجزم بصواب ما يُنظر له وكأنه أتى بالغائبة، وعلينا جميعًا أن نبصم له خمسًا بخمس وننتظر إشارته فقط.
لدى يقين كامل، لن أقبل النزاع أو الجدال فيه بأنَّ كل شخص على وجه الأرض يملك الحق في تحديد مصيره ما لم يكن هناك ما يمنعه من نقص عقل أو فقدان أهلية لسبب ما في حده الأدنى.
خلقك الله حرًّا، تستمتع وتعيش كما يحلو لك دون تجاوز معتقد، أو آداب تعارف عليها العامة، أو نظام أقره تشريع، وفيما عداه ليس لي أن أجعلك تابعًا يترقب توجيهًا من إعلام أو شخص يتمنى أن يرى الناس تشبهه وتستنير بمقولاته العصماء.
استفزني أحد القراء عندما أرسل لي رسالة خاصة وهو محق في بعض ما ورد فيها، فيقول بأنه يتابع بشغف جميع وسائل الإعلام إلى وقت قريب جدًّا، ولكنه تخلى عن هذه العادة اعتقادًا منه بأنَّها كانت أسوأ من عادة التدخين أو إدخال طعام على طعام وأنت تحمد الله على نعمته، مكتفيًا بما لذ وطاب من لحظات.
ومن أسبابه: عدم احترام البعض للظهور الإعلامي، والكذب، والردح، وتزوير الحقائق، وتجاوز كل الخطوط بطولها وعرضها، وكأن البعض منهم يقتات على ردود أفعال البسطاء والتغرير بهم، واستمالتهم إلى أنصاف الحقائق، وتحريضهم على قيمهم وأخلاقهم دون أن يهتز لأحدهم جفن، أو يردعه قول، أو يتذكر مجتمعًا مسالمًا خرج منه للتو متحدثًا.
ويضيف: لم أجد من أحدكم قولًا واحدًا يستشهد به فريق ضد آخر، فأنتم العلماء وأنتم العلم وأنتم الرسل، كل على طريقته، لا يشبهكم في ذلك أحد؛ بئس ما تكتبون وبئس ما تنشرون، وأجزم لك بأنك لم تقرأ أنت وغيرك مقالًا لأحدكم، ولن تأخذ قولًا وتنسبه له أو لإعلام منافس، غير استشهاد به كذب أو معلومة بها فرية شخصية.
فهل بعد ذلك تريد أن أقرأ لكم أو أضيع وقتا أنا أولى به منكم.
ختامًا.. أستحلفك بالله أن تنقل عني، أما آن لكم أن تقولوا وتفعلوا، أو تصمتوا وتذهبوا إلى منازلكم ولن تجدوا من يسأل عنكم أو يأتي على ذكركم، وليست تلك النهاية فإن عدتم سأعود بما هو أكثر.
ومضة:
حينما تصل إلى أعلى درجات اليأس ثق بأنَّ سقوطك سيُحدِث ألمًا يستحق كل هذا السقوط.