قال تعالى: “لا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها”، الحمد لله الذي أكرمنا بحكمة ولاة أمرنا فكانوا لنا كما رحمة الوالد على ولده، الحمد لله الذي سدد وزير التعليم بقرار رشيد جمع بين أشتات الحاجات وتوظيف الإمكانات.
دعاني إلى أن أتأمل مشهد الحركة التعليمية التي اندفعت فجأة إلى مجال التعليم عن بعد بسبب أزمة كورونا العالمية، فأظهرت المعادن وأبانت وجهًا آخر للحياة التعليمية بشفافية، وكأن أسوار المدارس أنقضّت!، مجال كنا ننظر له بحذر! فكان جهاد التربويين ساطعًا رسمته بدرية المسعد بكلماتها فقالت:
شدائد تنبئك في حينها …. بمن شمر اليوم أو من فتر
جهود عظام نرى وقعها …. شروحٌ وعلمٌ ونثرُ الدرر
تأملت قرار وزير التعليم و مبتدأه اعتماد إنهاء الفصل الدراسي الثاني 1441هـ، وختامه البندين الأخيرين، وهما: بند: “سادسا: تستمر عمليات التقوية … اختياريًا عبر خيارات التعليم عن بعد التي أتاحتها وزارة التعليم…”، وبند: “سابعًا: إطلاق عدد من المسابقات … خلال شهر رمضان المبارك وفترة الصيف …”؛ هذا القرار الجريء لم يُنهِ وضعًا تعليميًا قائمًا فقط، وإنما رسم له طرقًا مرنة متنوعة، تلائم تداعياته المستقبلية على المسيرة التعليمية، وتدغدغ حس المسئولية المجتمعية، والمتكأ دافعية طالب العلم وقوة ضمير العاملين في التعليم أيًا كان مركزه ودوره.
وفي عمق تأملاتي التربوية في شريط مشاهد خدمة الطالب في هذه الأزمة والظاهرة على الملأ، تناثرت الاستفهامات المتفائلة؛ تارةً أفكر في عمق المحتوى الخدمي فأقول إذا قُسّمت العلوم في الجامعات لغرض الدراسة؛ هل كان توجه وزارة التعليم وإداراتها أن تحذو حذوها وهي في مجال التوظيف والتطبيق نافعًا؟ هل سيحدث تغييرًا هيكليًا يؤلف بين العلوم بما يحقق خدمة طالب العلم وتيسير تعلمه؟، وتارةً أخرى أتفكر في القفزة الالكترونية التي أُغرِقَ بها المجتمع، هل ستتحول خدمات العملية التعليمية إلى الأتمتة فنرى نسيجًا لشبكة إلكترونية تجمع أطراف التعليم بكافة مستوياته وأنواعه؟ بل تربط وزارة التعليم بالوزارات الخدمية الأخرى التي تخفف عبئًا نوعيًا وأقربها وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، بل تمادت تأملاتي للتفكر في تغيير بعض التقاليد المدرسية، وأن يكون هناك مرونة وفتح لقنوات التعلم عن بعد والتعليم المستمر تحل بها بعض الإشكاليات السلوكية في الميدان المدرسي، وتحل معيقات استمرار التعليم التقليدي، وتخفف أزمات المرور واستهلاك الخدمات، بل ستُفعِل خدمات المجتمع التبادلية بتنظيم وحوكمة تحجم تأثير قاطعي مسيرة التطوير.
تأملاتي متفائلة جدًا؛ تزورني كثيرًا منذ كنت على مقاعد الدراسة، والآن أظهرتها للعلن متعلقة بإعلان خبر القرار التربوي الذي أبان حسًا عالي القدر من المسئولية، وأزاح همًا أثقل ظهور شريحة كبيرة من المجتمع، ولكن يضع على عاتقنا جميعًا جبلًا عظيمًا من تحمل تداعيات هذا القرار، وإنجاح أهدافه العليا تحصين شبابنا بالعلم ليستحقوا رفع راية بلادنا خفاقة بالشهادتين التي أوجبت العمل بمقتضى علمنا.
المشاهدات : 50779
التعليقات: 0