في حقيقة الأمر استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي ضدنا استخداماً عنيفاً، عنيفاً جداً.
حيث أن مستخدميها يظهرون غيرَ ما في الواقع من عيوب طبيعية، و يخترقوا بها بيوت العباد، ليصلوا لبناتهم و نسائهم و أولادهم، فثمة عصابات محترفة في ابتزازهم باسم الرومانسية و باسم الجمال والحب، أو بالأحرى بسراب الحياة المثالية، يظهرون حياتنا الواقعية التي نعيشها من دفء و طيبة و بساطة وتواد وتراحم على أنها مجرد حياة سجن و كبت وإذلال.
ويظهروا لنا صورة نمطية متكررة للمرأة التي تذهب للمقاهي و تضع ساق على ساق، و تشرب “الكوفي” أمام الشباب وتتبرج و تظهر بزينتها وعطرها بكل مكان، بأنها قد أدركت ذروة متعة الحياة.
ألا نرى الكثير من مشاهير التواصل الاجتماعي يروجون أفكاراً؛ كمثل أن الزواج لم يوضع إلا لتكبيل شخصية المرأة، وقتل سعادتها وحبسها في سجن الأمراض النفسي؟!
وكم من مرة يتم إظهار الزوج بأنه ذلك الجلاد، و الزوجة بأنها تلك المظلومة المقهورة لأنها لم تستعجل بالطلاق!
ومما يزيد الطين بِلة؛ بأن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من الرجال تغريهم مجموعة من الفتيات المنحلات للممارسة الرذيلة في أوقات محددة، فتجدها تستمر معه ساعة من الزمان و ساعات مع غيره، ليقتل كل واحد منهم براءة الأجيال بالمظاهر الكاذبة والسعادة الوهمية.
فلم تبنى تلك العلاقات إلا على النِفاقات!
إن بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي من ذوي أقوى المتابعات يُمررون أفكاراً تدمر شبابنا و يتلفون صحة حياتنا الاجتماعية جميعاً.
أدعو من الله أن يتعظ نسائنا و أطفالنا و يعي رجالنا بأن كل أولئك الجنود يبعدونا عن الفضيلة، ويدمرون بيوتنا؛ لينتجوا لنا جيلاً فاسداً متفسقاً بزوجات يفرغن كل شحناتهن العاطفية بعلاقات رقمية وهمية؛ فلا يلقى منهن أزواجهن سوى البرود والجحود.
لنعترف إذاً بما فيه نحن من حرب، لم تعد الحروب بالسلاح بل بالأفكار!
وفي خضم هذه الحروب الفكرية تقول إحدى المشهورات وهي تضع ساق على ساق: “تطلقت، والآن أذهب لكل مكان، وأجلس مع من أحببت وأشرب ما أُحب!”.
كل نتائج ذاك التيهان العاطفي حقاً كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، و أرجو من الله أن يستشعر القارئ حرارة عاطفتي إيزاء هذا الموضوع الجسيم.