الراس المال الفكري دوماً هو أساس الحياة عبر التاريخ ومنذ أن خلق الله هذا الكون وأنزل الله سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام للأرض وأمره بعمارتها ، هنا بدأت صناعة الحياة من الفكر وبعد ذلك بدأت الحياة بالتطور والتقدم وتوارثها الإنسان جيل من بعد جيل ، فدوماً تتغير الظروف والمتغيرات ولكن ينتصر رأس المال الفكري على رأس المال النقدي أو الصناعي أو غير ذلك من الموارد ، فمنذ الأزل قامت حضارات واندثرت حضارات ولكن بقيت آثارها شواهد لما صنع الإنسان إلى أن يرث الله الأرض وما تحوي ، إذ منذ أواخر عام 2019 أفاق العالم على كارثة اجتياح وباء فيروس كوفيدا -19 كورونا للصين وهذا الأمر الجلل الذي غير الكثير من الأفكار وبدّل العديد من الاهتمامات البشرية فتصدعت العديد من الاتحادات والتحالفات وسقطت العديد من الاقتصادات العظمى وانتهت السياحة العالمية وتوقفت التنقلات بين القارات وأغلقت المطارات و الموانئ و توقفت عجلة الصناعة بعدد من الدول الصناعة الكبرى ولكن البقاء لراس المال الفكري .
وهنا تحولت أنظار العالم بأسره للبحث عن من يملكون المعرفة عن رأس المال الفكري إنهم مجموعة المبدعين والمفكرين والمخترعين والمبتكرين والباحثين الذين يمكثون في مراكز الأبحاث لأوقات طوال والذين تجاهلهم المجتمع ولم يُسلط الضوء عليهم لعقود من الزمن في كثير من الأوطان العربية ولكن الآن هم من سوف ينهضون بأمتنا لسابق عهدها لأنهم يخدمون البشرية بفكرهم وليس بمالهم ، فخلال الحدث نرى المبدعين في جميع مجالاتهم يتصدرون المشهد لأنهم طوق النجاة وهم من يملكون الحلول وبأيدهم صُنع الأجهزة التعويضية والبديلة التي تخدم الإنسان وتخفف من الألم والأعباء وهم الذين سوف يصنعون ترياق الشفاء والنجاة والوقاية والعلاج من الفيروسات وهم من بأفكارهم تُحمى الأرواح والآن أصبحت القنوات العالمية التي كانت تهتم بالمشاهير والمفلسين توجهت قنواتهم إلى هؤلاء المبدعين ماذا يقدمون للبشرية فكل ساعة يظهر بها اختراع ينقذ البشرية ويحي الملايين من الأنفس ، إذا الآن العالم بأسرة أعترف أن طوق النجاة في جميع الأزمات هو الاهتمام برأس المال الفكري وتنميته عبر اكتشاف المبدعين وفتح الأندية للمخترعين وتهيئة الجمعيات للمبتكرين لتكون نواة لأعمالهم فلابد أن يتم دعمهم من رجال الأعمال والاستفادة من أفكار ومنتجات هؤلاء المبدعين ، فالعالم كله شاهد دولة مثل الصين خلال 70 يوماً جيشت مواردها البشرية والمالية والاقتصادية ولكن قبل كل هذا خرجت الصين من أزمة عظيمة بمجهودات رأس المال الفكري عندما ساهم بالعمل الدؤب والمستمر خلال الفترة إلى أن تعافت الصين من الوباء وبدأت الحياة تعود إلى دولة الصين .
ومنذ أيام سمعنا مدير جامعة الملك عبد العزيز يطلق خبر عن مركز الملك فهد للأبحاث يبشر بمعلومات عن التوصل لنتائج سوف تساهم بالتخلص من هذا الوباء وندعو الله أن يخلصنا من هذا الوباء ، ووطننا يزخر بالمبدعين الذين يملكون القدرات الفكرية ولكنهم يحتاجون الدعم والاهتمام فحكومتنا الرشيدة تسخر كل الاحتياجات وتسهل كل الصعوبات للمبدعين ونريد أيضاً من المجتمع أن يكون له دوراً بارزاً في هذه الأزمة ، فالأمم تتقدم وتتطور بالعمل التكاملي ما بين المنظمات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لنصنع من هؤلاء الشباب علماء ومفكرين لأنهم هم طوق النجاة في الازمات .
بقلم
د/محمد عيد السريحي