الحياة على كوكبنا منذ الأزال متغيرة، مرّت بالعديد من التغيرات الأيدولوجية والجغرافية والسياسية والاقتصادية، وتوالت عليها العديد من الثورات العلمية والمعرفية، وظهرت العديد من الحضارات والأمم التي سادت ثم بادت، ودومًا العالم يتأثر بالعديد من المتغيرات والظروف، ولكن بالسابق قد يكون التأثير محدود “بموقع ومنطقة جغرافية محددة”، وذلك لعدم التقدّم العلمي والتقني في نقل المعلومة وانتشارها في ذلك الوقت؛ حيث كان التواصل محدود، فمهما كانت هناك كارثة أو حدث لا تبلغ ما بلغتهُ كورونا في 2020م، لكن عندما زادت معارف الإنسان وتوسّع فكرهُ وتقدّمت الحياة، وتطورت التقنيات وأصبحت الحياة قرية صغيرة لتنوّع التواصل البشري عبر سهولة التنقل بجميع وسائل التنقُّلات من طائرات وقطارات وطرق سريعة، والعديد من الأساليب المتطوِّرة والتقدُّم العلمي والمعرفي وتناقل المعلومات وحزم البيانات بين العالم بأسره، وانفتاح الدول جميعها على بعض عبر شبكات المعلومات والاتصال المُجتمعي، فأصبح الخبر صناعة، وصياغتهُ علم، والتعليم أصبح متقدم بعد الثورة المعلوماتية، ومن أهمها التعليم عن بُعد، واعتماد الأسلوب التعليمي الحديث لذلك.
عندما حدثت هذه الجائحة فانتقلت عبر العالم بأسرهِ لسهولة التنقُّل، وتوفر الوسائل، مما أثَّر بشكل سلبي صحيًّا ومعلوماتيًّا.. حيثُ تم تناقل الفيروس بكل سهولةٍ وذاع خبرهُ خلال وقت قصير جدًا.. وهذا من أهم السلبيات.. كون انفتاح العالم سلاح ذو حدَّين من خلال هذا التطوّر تسارع انتقال وانتشار الفايروس مما اضطرَّ العالم لعمل خطة دفاع لمكافحته، ولكن بالاعتماد على الإنسان نفسه، وهو خط الدفاع الأول لحماية نفسه أولاً.. وحماية الجنس البشري ثانيًا بشكل عام، وهنا اتَّحدت دول العالم وبإشراف منظمة الصحة العالمية جميعها بأن تتَّحد لتمنع انتشار الجائحة، ولو أنها انتشرت بقدرٍ ما.. ولكن تحاول جاهدة انحسارها، وهذا الأمر ليس سهلاً؛ لأن الفايروس سريع الانتشار، وفعلاً الحماية منه تعتمد أولا على زيادة ثقافة المجتمعات، ورفع التوعية لديهم، وأخذ الحيطة والحذر ومن ثم العمل بالإجراءات الوقائية والأنظمة الصحيَّة المُتبعة التي اتَّفق الجميع على اتخاذها، ولكن الأمر الأهم أن العالم بأذن الله بعد خروجهِ من هذه الجائحة سوف يتغيَّر تغيرًا كبيرًا، لأن هناك معارف ستُسيطر على الساحة العلمية.. وهناك وسائل وإجراءات سوف تغيب، وهناك وسائل سوف تُلغى، وهناك برامج سيُعتمد عليها والأهم الاعتماد الكلِّي على تفعيل الذكاء الاصطناعي في جميع وسائل الحياة، وهنا سوف يكون التحوّل الرقميّ، وانتقال المجتمع البشري للتعامل مع هذه التحولات بشكل إلزامي، لأن من لم يتعامل سيكون أمِّي، فالاقتصاد سيتحول لاقتصاد رقمي باستخدام العديد من التطبيقات لمعظم المجالات على المستوى الفردي والمجتمع والحكومي والدولي، وأيضًا التعليم سيعتمد على التعليم الإلكتروني (التعليم عن بعد) عبر المنصات.. وسوف تختلف أدوات التعليم ووسائلهُ وتعتمد كُل الدول على التعليم الإلكتروني، وأيضًا بالخدمات الصحيَّة سيتم الاعتماد على الخدمات الذاتية لأن بها العديد من الاختصار وتسهيل الخدمات، ودخول الأنظمة الإلكترونية في العمليات بتواجد الروبوتات، وسيكون هُناك اعتماد كبير عليها حفاظًا على الكوادر من العدوى في الأمور التي يؤخذ بها الحذر، ومنها سوف تكون أوجه الحياة مابعد كورونا مختلفة كثيرًا عن السابق، إذا أنها ستُساهم وتُسرع بتغيُّر نمط الحياة بعد الجائحة، فهي المعرفة التي ستقود الثورة الرابعة في عمر البشرية عبر العصور المتتالية، والتي ستكون بصمة العالم القادم، فليس المتطوّر بالقوة الاقتصادية أو العسكرية أو قوة النفوذ، إنما الذي سيكون ذو نفوذ هو من يملك المعرفة، فأتمنى أن يكون وطني المملكة العربية السعودية بشكل خاص ووطننا العربي على العموم؛ يكن لهم دور معرفي.. ولكن لابُدَّ أن يواكب التحولات السريعة والاهتمام بوقود هذا التحول ألا وهو الجيل الحالي والذي يليه.
فالسؤال الذي لابدَّ أن نضع له إجابة ماذا أعددنا لأجيال المعرفة مابعد كورونا ؟
المشاهدات : 63228
التعليقات: 0