الحج ركن عظيم من أركان الإسلام أمرنا الله بأدائه لمن استطاع اليه سبيلا ولأن الحج يجمع ضيوف الرحمن من مناطق مختلفة من العالم فإنه قد يساعد على تفشي وانتشار بعض الأمراض والأوبئة التي ينقلها الحجاج معهم من بلدانهم لا قدر الله ولذلك فإنه من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الاصابة بالامراض أثناء فترة الحج و للحيلولة دون انتقال هذه الأمراض بين حجاج بيت الله الحرام.
و من أهم هذه الاحتياطات أخذ اللقاحات المنصوح بها قبل الحج وتناول الأدوية الخاصة لمرضى السكري و الضغط و غيرها من الأمراض المزمنة ,و الانتباه للغذاء أن يكون صحيا و نظيفا.
* ما هي اللقاحات التي تعطى قبل الحج ؟
ـ هناك عدد من التطعيمات تعطى للحاج قبل سفره وهي تساعد إن شاء الله في الوقاية من الأمراض التي تنتشر في الأماكن المقدسة فترة الحج.
من هذه اللقاحات نذكر :
1 ـ لقاح الحمى الشوكية : وهو أهمها ويجب أن يؤخذ قبل الحج بأسبوعين على الأقل حتى يبدأ تشكل المناعة اللازمة، ويعطى كل سنتين مرة ويعطى للأطفال فوق عمر السنتين ويمكن أن يعطى للحوامل لأن الفائدة منه أكبر من المخاطر.
2 ـ لقاح الأنفلونزا : يفضل أخذه من قبل جميع الحجاج ، حيث تكثر الإصابة بالأنفلونزا ، ويعطى خاصة للمرضى كبار السن مع أمراض قلبية ورئوية مزمنة.
3 ـ لقاح الرئويات : يعطى في حالات خاصة مثل:
مرضى تكسر الدم ( فقر الدم المنجلي ) ، ومرضى الأمراض الرئوية المزمنة الانسدادية ومرضى الربو و كبار السن .
4 ـ هناك تطعيمات أخرى مهمة لكنها تؤخذ حسب البلد الذي حضر منه الحاج .
منها التطعيم ضد الكوليرا وضد الحمى الصفراء وجدري الماء ( العنكز ) والتطعيم ضد حمى التيفوئيد.
أهم الأمراض التي تنتشر خلال فترة الحج
1- الإنهاك الحراري وضربة الشمس:
قد تحدث درجات مختلفة من الإنهاك الحراري في أي وقت من العام، وهذه الظاهرة تحدث عادة في الأماكن ذات الحرارة المرتفعة مع رطوبة عالية في الجو نتيجة تعرض المصاب لدرجة حرارة عالية مما يفقد الجسم كمية كبيرة من السوائل عن طريق التعرُّق وبالتالي يصاب المريض بضعف عام وصداع ودوار وإنهاك وتهيج، ويصبح غير قادر على بذل أي مجهود ويكون المريض شاحب الوجه وبارد الأطراف، ويشعر بالغثيان وربما يسقط على الأرض مغمياً عليه مع تعرق واضح وبارد وانخفاض الضغط الدموي وتكون الحرارة طبيعية أو منخفضة وتقل كمية البول
أما ضربة الشمس : فتحدث عند تعرض الجسم لدرجة حرارة عالية جداً ناتجة عن التعرض لحرارة الشمس المباشرة خاصة إذا صاحب ذلك بذل مجهود جسدي كبير.
وأهم أعراض ضربة الشمس: ارتفاع درجة الحرارة عند الإنسان أكثر من 40 درجة مئوية ويحدث جفاف الجلد مع احمرار وسخونة الجلد، وهنا نجد انعدام التعرُّق، وقد تحدث لدى المريض نرفزة عصبية مع صداع وقد يحدث فقدان الوعي عند المريض في بعض الحالات.
* الوقاية :
للوقاية من الإنهاك الحراري وحدوث ضربة الشمس يجب على الحاج اتباع النصائح التاليـة:
1- عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة ، واستخدام الشمسيات الواقية خاصة ذات اللون الابيض.
2- الابتعاد ما أمكن عن الأماكن ذات الحرارة المرتفعة جداً والالتجاء إلى الظل ما أمكن.
3- تناول السوائل بكميات كبيرة.
4- إضافة ملح الطعام بزيادة عند وجود حرارة شديدة في الجو مع رطوبة عالية.
5- الانتباه إلى عدم بذل جهد كبير كالمشي الطويل خاصة تحت أشعة الشمس وبوجود حرارة عالية خاصة فترة الظهيرة.
العلاج:
يكون العلاج في هذه الحالة بوضع المصاب في مكان بارد ورفع قدميه ومحاولة خفض الحرارة بالكمادات غير الباردة ( لا تستعمل الثلج ) وتوجيه مروحة هوائية مساعدة باتجاه مكان المصاب ويجب إعطاء المريض السوائل بكميات كبيرة مع إضافة ملح الطعام أو اخذ أقراص ملح أحياناً، ويجب عدم إعطاء السوائل بالفم إذا كان المصاب في حالة غياب وعي.
وفي الحالات الشديدة يجب نقل المصاب الى أقرب مركز صحي أو المستشفى للعلاج، حيث يعطى السوائل الوريدية.
2 ـ أمراض الجهاز التنفسي :
وهي تكثر في أماكن الازدحام وتزداد في موسم الحج ومن أهم هذه الأمراض الأنفلونزا ويمكن حدوث التهاب البلعوم و التهاب أذن وسطى أو التهاب جيوب وفي بعض الحالات ينتشر الالتهاب للأسفل ويسبب التهاب الشعب الهوائية والرئتين.
وأما أعراض المرض فتكون أولاً سيلان الأنف وآلام وتخريش في البلعوم مع ارتفاع درجة الحرارة وصداع وتعب عام وعطاس وسعال مع آلام بالعضلات والمفاصل ونقص الشهية .
وتزداد حالات الربو في هذه الفترة من العام خلال موسم الشتاء بسبب البرد وبسبب تزايد حالات الأنفلونزا والالتهاب الرئوي ،
ـ أما بالنسبة للعلاج فيكون باستعمال مضادات الاحتقان وخافضات الحرارة مع المضادات الحيوية عند اللزوم، وتفيد العصيرات واللبن الزبادي في تقوية المريض وتغذيته في حالة نقص الشهية المرافقة للمرض وتعطى البخاخات الموسعة للشعب الهوائية في حالة نوبات الربو.
3 ـ الحمى الشوكية ـ أو التهاب السحايا الدماغية:
و تحدث نتيجة الاصابة بجرثومة أو فيروس ، تكثر في أماكن الازدحام والتجمعات كما في موسم الحج والعمرة.
طرق الانتقال : عن طريق الجهاز التنفسي، العطس والاستنشاق
أعراض المرض : تظهر الحرارة عند المريض مع صداع وإقياء وتعب عام وآلام عضلية ومفصلية وتختلف شدة الأعراض من مريض لآخر وقد تحدث التشنجات العصبية .
طرق تشخيص المرض : الأعراض السريرية والفحوصات الدموية مع إجراء سحب للسائل الدماغي الشوكي وفحصه مخبرياً في المشفى.
* كيف نعالج المريض بالحمى الشوكية:
– بفضل الله هناك علاجات متوفرة لهذا المرض وتكون في المستشفى تحت الإشراف الطبي وتتجلى بإعطاء المضادات الحيوية القوية عن طريق الوريد مع محاليل ومعالجات عرضية .
4 ـ التهابات المعدة والأمعاء:
• طرق العدوى : عن طريق تناول الأغذية والشراب الملوثة عن طريق الفم ويمكن للأيدي الملوثة أن تنقل المرض ويمكن الإصابة بفيروس في البيئة المحيطة.
• الأعراض : آلام بطنيه وإقياءات وإسهال أحياناً عند إصابة الأمعاء مع المعدة وقد ترتفع الحرارة مع نقص الشهية للطعام.
• أهم الاختلاطات : هي حدوث الجفاف خاصة عند الأطفال وهذا ما يسبب سوء الحالة العامة ويتطلب أحياناً العلاج في المستشفى.
• ما هي سبل الوقاية والعلاج؟
• النظافة الغذائية بشكل عام أهم سبل الوقاية ويجب ألا يتناول الحاج أي طعام يشك بنظافته أو صلاحيته للأكل أو يشك بسوء تحضيره.
وأما العلاج فيكون بتناول السوائل بكميات كافية للتعويض مع الحمية الغذائية بتناول الأطعمة المسلوقة والشوربة وقد نحتاج لإعطاء المضادات الحيوية أحياناً مع أدوية عرضية ضد الإسهال والإقياء والمسكنات لخفض الحرارة ومضادات المغص
الإجراءات و التوصيات االصحية للحجاج :
هناك إجراءات وتوصيات صحية للحاج عند وصوله للأماكن المقدسة يجب عليه الالتزام بها من أجل وقايته هو وإخوانه من حجاج بيت الله الحرام ، وتشمل هذه الإجراءات والتوصيات جانبين:
1 – التوصيات الغذائية خلال فترة الحج:
يجب الانتباه بشكل جيد لنوعية الطعام ، فبعض الأطعمة قد تكون خطراً على الحاج وتسبب حرمانه من متعة العبادة وإذا كان الغذاء ضرورياً لبناء الجسم وتجديد حيويته ونشاطه فهو في الوقت نفسه من أسباب ضعفه ومرضه ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في حديث بليغ عن الطعام ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه )،
هناك نصائح غذائية مهمة ننصح الحاج بها:
– يجب غلي الحليب جيداً إذا كان غير مبستر.
– طهي الطعام جيداً وغسل الخضراوات الطازجة جيداً لإزالة أثر المبيدات التي تعلق عليه.
– لا تأكل الأطعمة غير المطبوخة ، عدا الفواكه والخضراوات والتي تحتاج للتقشير.
– التأكد أن الأطعمة المتناولة مطبوخة حديثاً أو محفوظة بشكل جيد في الثلاجة، حيث إن الطعام ممكن أن يفسد إذا تم حفظه في الخيمة بدرجة حرارة عادية لمدة 5 ساعات .
– يجب الانتباه جيداً للمياه التي يشربها الحاج ويفضل أن تكون من الزجاجات المعبأة بعد التنقية ,
– يجب تناول السوائل بشكل جيد لتجنب حدوث الجفاف عند الحاج نتيجة الإنهاك الحراري خاصة عصير الفواكه والشاي وهذا يساعد أيضاً في تجنب الإمساك ونضيف ملح الطعام للسوائل والوجبات خاصة في الجو الحار الرطب عند حدوث الإجهاد والإنهاك الحراري
– بفضل التنظيم الذي حصل في الآونة الأخيرة في المشاعر المقدسة والتوصيات الكريمة من حكومة خادم الحرمين الشريفين فقد أصبح تأمين الغذاء والشراب للحاج سهلاً عن طريق مسئولي الحملات الداخلية والخارجية ويقدم طازجاً أو يحفظ أحياناً في الثلاجات عند اللزوم.
وهناك توصيات صحية وقائية عامة يجب على الحاج الأخذ بها.
من هذه التوصيات نذكر:
1- النظافة :وهي من الإيمان ومطلوبة في جميع الأوقات فلا مانع من الاغتسال يومياً حتى عند المحرم في الأيام الأولى ، ويجب غسل الأيدي قبل الطعام ، وتكون النظافة في الطعام والشراب والملبس والإقامة.
2- يفضل وضع غطاء على الرأس ونظارات شمسية واقية عند التعرض المباشر لأشعة الشمس.
3- احرص أيها الحاج على أخذ الملابس الملائمة .
4- حاول أن تغطي نفسك جيداً أثناء الليل فقد يسبب البرد حدوث تقلصات عضلية في الجسم مما يسبب آلاماً معممة أحياناً أو موضعية وتكون مزعجة للحاج.
5- حاول ما استطعت الابتعاد عن التماس مع الحجاج المصابين بأعراض أنفلونزا واضحة ، وبخاصة المقيمون معك في الخيمة أو الغرفة.
6- إذا لاحظت ظهور أي أعراض مرضية فعليك سؤال طبيب الحملة المرافق حتى تبدأ العلاج اللازم كي لا تتفاقم الحالة لديك.
وأخيرا أسأل الله أن أكون قد وفقت في تقديم النصائح الطبية الهامة و المفيدة لحجاج بيت الله الحرام راجيا” المولى تعالى أن يكون حجهم مبرورا” و سعيهم مشكورا” خاليا من الأمراض مع دوام الصحة و العافية للجميع انه على كل شيء قدير .
صحة ولياقة