عندما تستنفد كل المحاولات، ثم تحاول، ثم تعود وتستنفدها، هنا فقط وفي هذه اللحظات تقول “كذا كثير” أو “دا كتير أوي” وقلها كما تحب أن تُقال من الخليج إلى المُحيط.
وعليك ألا تسأل القائل أو تبحث عن خلفيته أو ماذا يُريد؛ فلن تجد تفسيرًا واحدًا، ولن تجد سببًا يُفسر أي كثير أو قليل يقصد، فأينما وُجِد هذا المواطن ظهر هذا الصوت بكثرته أو علوه، يظل صوتاً لا تعلم له مصدرًا، وإن علمت فأنت أيضًا كمن لا يعلم، والحياة “حلوووه”.
ويأتي يوم ويذهب آخر والحال كما هو الحال، إن سألته نَفَرَ منك وإن تقربت له أبعد عنك، فلم تعد المترادفات جزءًا من الحوار ولم يعد للعربية موطئ قدم عندما تعددت الأسباب والموت واحد.
تشابه الأصدقاء وتعدد الأعداء، وكل يطلب الوصل ويُؤكد أنه أقرب لك من غيره أو لم تكن العروبة والدم وعوامل أخرى مساعدة ليس من بينها عوامل التعرية، ظروف مشتركة، ورابط علينا التمسك بها قبل أن تنقطع بنا السبل، فنضل أو نضيع، ولن ينفع حينها ساعة الندم أو فصل الربيع، كما ينشده من جعل ربيعه خريفًا على رؤوس من حضروه.
يقول العرب: “هم يُضحِك وهم يُبكِي” ونسوا أنَّ المُضحِك المُبكِي ليس ببعيد أيضًا، فهم خير من يشرح و”يشرشح” حالهم وكأنها “عشر للخلف وواحدة للأمام”.
هل صدق من قال: “بلاد العرب أوطاني”، أم كان حلم ليل شتاء لم يذق فيه طعامًا قبل ثلاثة أيام من نومه مغشيًّا عليه “ينفضه” الألم ويعتصره وجع السنين، وهو يحلم ويحلم ويصحو على حلم جديد حتى استوطن اليأس قلبه وفكره؛ فشَلَّ أطرافه، وعقد لسانه؛ فلم يعد أكثر من “ببغاء” يستنطقه سجانه مسبحًا بحمده شاكرًا له بأن تفضَّل عليه بتعليمه ما يحلو له ليُردده أمام ضيوفه، تارة مرحبًا، وتارة بأقبح ما يُمكن سماعه.
ولعلها دعابة يضحك منها وبها وعليها الحاضرون، كم أنت لطيف سيدي الببغاء.
****************************
ومضة:
إن كنت تعتقد أنَّها ستأتي دون نداء فانتظرها دون تذمر.
**************************
يقول الأحمد:
إن كانت الروح من أمر ربي، فإنَّ روحي بين يديك.