أوضح الدكتور “عبدالله الذيابي” أن القولون العصبي يُعدُّ من أكثرِ أمراضِ الجهازِ الهضمي شيوعاً، وهو مرضٌ مزمن، وسوف نستعرضُ كيفيةَ تشخيصِه، وأهمَّ التحاليل التي يُنصحُ بإجرائِها، والطرق العلاجية الدوائية وغير الدوائية المناسبة للتَّحكُّم في المرض.
وأضاف أن القولون العصبي يُشخَّصُ بناءً على الأعراض، وبعض التحاليل المساعدة في استبعاد وجود أمراض شبيهة بالقولون العصبي، وأبرز الأعراض المهمة للتشخيص هي: ألمُ البطن المُتكرر، ويحدُثُ على الأقل يومًا في الأسبوع خلال فترة الأشهر الثلاثة الأخيرة، وبداية الأعراض على الأقل من 6 أشهر، مع وجود الأعراض التالية: تحسُّن الألم مع عمليةِ الإخراج، وحدوثُ تغيُّرٍ في عددِ مراتِ الإخراج، وطبيعته مع بداية الألم.
وتابع: أمَّا تحاليل القولون العصبي فأولُها فحصُ خلايا الدم (CBC)؛ للتأكدِ من عدمِ وجود فقر دم، وفحوصاتِ استبعادِ داءِ حساسيةِ القمح، وأمراضِ الأمعاء الالتهابية (CRP & fecal calprotectin) للأشخاص الذي يُعانون من إسهال، وإذا كانت الأعراضُ تتماشى مع القولون العصبي فلا يُنصحُ بإجراءِ فُحُوصاتِ البُراز؛ لاستبعادِ وجودِ التهابات بكتيرية، أو فيروسية، أو طفيلية، إلَّا إذا توفَّرت عوامل خطورة هذه الالتهابات.
يقدر قرابة 11% من حالات القولون العصبي بإنَّها تبدأُ بعد التهابات الجهاز الهضمي، خصوصاً لدى السيدات، والأشخاص الذين يعانون من قلق واكتئاب، وبعد استخدام المضادات الحيوية.
ومنظارُ القولون يُفضل إجراؤه للأشخاص الذين بدأت لديهم الأعراض بعد عمر 45 أو50 سنة، أو مع وجود أعراض منذرة، مثل: (فقدان الوزن غير المقصود، حدوث نزيفٍ في الجهاز الهضمي، أو التاريخ العائلي بأورام القولون، أو أمراض الأمعاء التهابية).
ولا ينصح بإجراء تحليل حساسية الأكل إلَّا إذا ارتبطت الأعراضُ بنوعٍ مُعينٍ من الأكل. كما أنَّ فحصَ وَخْزِ الجلد لتشخيصِ الحساسية إيجابيٌّ فقط لدى 50% من الأشخاص الذين لديهم فعلاً حساسية طعام، وقد تكون النتيجة الإيجابية خاطئة. وحساسيةُ الأكلِ شائعةٌ أكثر لدى الأشخاص الذين يُعانون من أمراض الربو، والأكزيما، وأقل شيوعاً لدى الأشخاص الذين يُعانون من القولون العصبي.
والأشخاص المصابون بالقولون العصبي ويعانون بشكلٍ رئيسٍ من إمساكٍ مُزمنٍ، فإذا الإمساكُ لا يستجيبُ للأدوية، أو في حالِ وجودِ أعراض تُشير إلى وجود خللٍ في عضلات الحوض، فيُنصحُ بإجراءِ تحليلِ تقييم عضلات الحوض، مثل: قياس الضغط الشرجي المُسْتَقيمِي، وتقييم سُرعةِ العضلةِ الشَّرجيةِ العَاصرة، وأنواعٍ مُعينة من الأشعة.
يبدأُ علاجَ القولون العصبي بتغييرِ النّظامِ الغذائي، ونمطِ الحياة، وتتوفرُ العديدُ من الأدوية التي أثبتتْ فعاليتَها في علاج المرض، ومن الطرق غير الدوائية المفيدة في التَّحَكُّم بالمرض متعددة، منها: ممارسةُ الرياضةِ بانتظام، والتَّغَلُّبُ على الضغوطِ النفسيةِ، وتجربةُ الحِمية المنخفضة (FODMAP) لفترة مؤقتة، وتعتمدُ هذه الحمية على تناول كمياتٍ أقلّ مِن الكربوهيدرات والسكريات القابلةِ للتَّخَمُّر في الأمعاء، وتؤدي إلى انتفاخات، وغازات، وآلام البطن.
وينبغي تجنُّبُ أي أنواعٍ أخرى من الأطعمة المُثيرة للأعراض، ويُنصحُ بِتناولِ الأليافِ القابلة للذوبان (توجد في الشوفان، والشعير، واللسيليوم، والفاصوليا)، وتجنُّبِ تناولِ الألياف التي لا تقبل الذوبان (توجد في دقيق القمح الكامل، وبعض الخضروات). والأليافُ تُحَسِّنُ أداءَ القولون خصوصاً لدى الأشخاص الذين يُعانون من إمساك، كَمَا أنَّ النَّعناعَ أو زيت النعناع قد يُحَسِّنُ من أداء القولون العصبي لدى البعض؛ إذْ يُساعد على استرخاء عضلات الجهاز الهضمي الموجودة في المَرِّيء والمعدة والأمعاء، وأثرُه على الأمعاءِ يُؤدي إلى تخفيف أَلَمِ القولون العصبي، وقد يُسَبِّبُ حموضةً؛ نتيجةَ استرخاءِ صَمَّامِ أسفل المَرِّيء.
وتستخدم أدوية القولون العصبي حَسَبَ نوعِ الأعراض، وهي أربعةُ أنواع، أشْهرهُا النوع الإمساكي، والنوع الإسهالي. أمَّأ تناولُ مُكَمِّلات البَكتيريا النافعة فدورُها في علاج القولون العصبي غيرُ واضحٍ عِلمياً إلى الآن، ومِن الإشكاليات مع هذه المُكمّلات أنَّ تركيبتَها تَختلفُ مِن مُنتجٍ إلى آخر، مما يُصْعُبُ دراستُها، لذا يُفضَّلُ تناولُها تَحت إشرافِ طبيب.
وللمصابين بالقولون العصبي النوع الإمساكي، فإنَّه تتوفَّرُ العديدُ من المُلَيِّنات، بعضُها تُساعد فقط في علاج الإمساك، مثل: (Polyethylene Glycol)، وهناك أنواع أخرى تساعدُ على علاجِ الإمساك وتخفيف ألَمِ البطن، وهي الخيار الأفضل، مثل: (Lubiprostone & linaclotide).
وقد يرى الطبيبُ المعالجُ أحياناً تناولَ نوعٍ مُعينٍ من المُضاداتِ الحيوية لفترةٍ مُحدودة (Rifaximin)، ويُساعدُ في تَحَسُّنِ أَعراضِ القولون العصبي الإسهالي، والسَّببُ أنَّ هذا النوع من أعراض القولون العصبي مرتبطٌ بتَغَيُّرٍ في تركيبِ البَكْتيريا التي تعيش في القولون.
أخيراً، قد ينصحُ الطبيبُ في حالات معينة بأدوية تمنعُ امتصاصَ الأحماض الصفراء في الجهاز الهضمي، خصوصاً مع وجود مرضٍ، أو بعد استئصال الجزء الأخير من الأمعاء، وكذلك بعد استئصال المرارة. كما أنه تتوفر العديد من الأدوية المفيدة في تخفيف الم البطن إذا كان من الأعراض الرئيسة لدى المصاب.