قبل ستة عقود من الزمن كان لقدوم شهر رمضان فرحة خاصة لدى الجميع في قرى منطقة الباحة حيث يرتبط شهر رمضان بالعديد من القصص والحكايات التي ترويها أجيال لأجيال، وكانت تختزل الحكايات والمواقف والقصص الجميلة عن الشهر الفضيل،حيث لم يكن هناك مجال للترف او الفراغ بل كان وقتهم في الزراعة ورعي الاغنام هكذا يقول الاستاذ علي بن سعيد قشاط احد ابناء منطقة الباحة والذي انتقل من حياة الريف الى حضارة المدينة قبل ستون عام حيث يقول اننا مازلنا نحتفظ بتلك الايام التي كان فيها لرمضان طعم خاص فقد صُمت رمضان وانا في السنة الخامسة من عمري وكانت الاجواء انذاك شتوية باردة وكان الضباب يغطي قمم الجبال وكنت انا ومجموعة من اقراني في ذلك الوقت ننتظر اذان المغرب بكل شوق حيث كنا نتوجه الى المسجد الواقع بقرية الطرفين ببني ظبيان و تغمرنا الفرحة ويمتلكنا السرور وذلك من اجل الحصول على تمور البصره فلقد كان جدي والد والدتي رحمهم الله جميعًا هو من يقوم بتوزيع التمرعلى المصلين وكنت محظوظ لانه رحمه الله كان يخصني بعدد طيب من تمرة البصره وقال ان رمضان في القرية له طابع خاص فلأكلات الشعبية لا تتجاوز صنفين من الاكل وكنا نجتمع كالأسر وكعوائل، ويجتمع الرجال وكانت الحياة تمتاز بالبساطة وعدم التكلف، فكل ما يقدم هو من صنع البيت وعندما بلغت الثانية عشر من العمر غادرت قريتي الجميله متوجها الى مكه المكرمه برفقة جدي عبدالله غرامه رحمه الله حيث كان السفر صعب والطرق المعبده بالأسفلت محدوده واغلب الطرق ترابيه ووعرة لم تتحملها السيارات القديمة ( اللواري ) حيث يتجشم المسافرين عبر هذه الطرق معاناة السفر وصعوبة الوصول وعندما وصلنا الى منطقة الزيمه على طريق السيل وهنا لابد من الاحرام لأخذ العمره وتوجهنا الى مكه ووصلنا منطقة الخريق الذي يقف فيه معظم سيارات اللواري التي تأتي من الطائف وتوجهنا للحرم الشريف وتمت العمره واكملت بقية حياتي في مكه حيث قضيت بقية شهر رمضان ووجدت الفرق بين رمضان في القرى ورمضان في المدينة واختلف كل شي عن القريه الهادئه والوجوه المعروفه والاسر المترابطه فأصبحنا نشاهد الموائد المختلفه من الاطعمة والاشربة والزحام قبل الافطار لقد اختلفت علينا حياة المدينة واسواقها وسكانها وبعد اكثر من ستون عام عدت الى قريتي حيث وجدت ان رمضان اختلف واصبحت القرية كالمدينة في التطور والنقله النوعية وايام رمضان اختلفت في العصر الحالي عن السابق .
والحمد لله يعيش الناس الان في رغدٍ من العيش والامن والامان في ظل حكومتنا الرشيدة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ــ حفظهما الله ــ واسأل الله العلي القدير أن يديم على بلادنا الأمن والأمان والازدهار .
المشاهدات : 43079
التعليقات: 0