الكل يحس بسرعة الايام وتفارطها وكأنها على عجلة من امرها او كأنها تلاحق بعضها بعضاً، وتختلف احوالها أحياناً بين المشي رويداً رويداً وبين السعي مهروله أحياناً أخرى ، فمابالها وما دهاها؟ وهل هي الأيام فعلاً غيرت ثوبها وأخذت تتبختر بثوب ٍ قشيب ٍ آخر فزهوها جعلها اياماً أُخر؟ غير تلك الأيام التي كانت تمشي الهوينا كما يمشي الوج الوحل ، وهل هذا مؤشر لشيء سيحدث للزمان وللانسان معاً ، أم الإنسان الذي تغيرت نظرته إلى الايام فرأءها مسرعة في نظره وهي ليست كذلك ، سنسبر أغوارها ونكشف اسرارها ونتبين أمرها من خلال هذه السطور ونرى هل هناك من خلل أم ماهو الامر؟ من خلال ماورد من نصوص في الزمان وآخره وتقارب أيامه
فقد أعتبر العلماء تقارب الزمان وتسارعه من علامات يوم القيامة الصغرى فمن حديث ابي هريره رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتقوم الساعه حتى يتقارب الزمان صحيح البخاري
وعنه رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لاتقوم الساعه حتى يتقارب الزمان فتكون السنه كالشهر والشهر كالجمعه والجمعه كاليوم واليوم كالساعه والساعة كاحتراق السعّفه مسند الإمام أحمد .
ويقال بأن المقصود بتسارع الزمان هو نزع البركه منه فمعلوم بأن البركه هي الزياده في كل شيء واذا نزعت حصل العكس فيكون الانتفاع بالسنه كالانتفاع بالشهر.
وهناك من يقول بأن المعنى تقارب أحوال الناس في قلة الدين والعزوف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ومعنى اخر بأن معناه اقتراب قيام الساعه ودنو نهاية الدنيا فيتسارع الزمان توطئة لذلك الحدث الجلل .
ومعنى اخر يقول به بعض العلماء بأن تسارع الزمان بسبب مكتسبات الحضارة العالميه خصوصاً في الاختراع والصناعه كالسيارات والطائرات والقطارات وغير من وسائل النقل الحديثه إضافة إلى وسائل الاتصال بأنواعها المختلفه والمذهله والتي اختصرت الزمان والمكان فسيرت الحديد وقربت البعيد فتناقص الوقت معها وتسارع الزمان فلا يكاد يأتي يوم الا وينقضي بسرعة محسوسه وكذلك الاسبوع والشهر والعام ، وفي تقارب الزمان وتسارعه أقوال أخرى
وعلى كل حال فما الإنسان الا ايام اذا انقضى يوم انقضى بعض الإنسان فما نحن عاملون للحذر من انفراط عقد الايام بغفلة منا فلا نكسب الذاهب منها لصالحناقبل ذهابه والكسب ممكن لمن أراد وعمل بالمفيد لأخرته ولم ينسى نصيبه من الدنيا فالله تعالى خلق الإنسان لعبادته ولعمارة الأرض فكل ذلك من مسؤلياته وواجباته مالم يفرط ، فالآنسان السوي هو من يحرص على الاستفادة من ايام عمره ويحاول بكل مايستطيع الا يذهب يوم من عمره الا وقد استفاد منه فيما ينفعه في حياته الزائله وفي حياته الباقية السرمديه ومن هنا فينبغي للانسان ان يرتب أولويات يومه الأهم فالاهم ولا يشغل نفسه بعمل أهميته اقل ونفعه محدود بينما يوجد عنده ماهو آهم واكثر منفعه وله زخم أكبر أعني الأعمال المشروعة والمباحه ، ومن المؤلم جدا أن ينشغل بماليس له نفع بل له ضرر محض كان ينشغل بمراقبة الناس واعمالهم ومافعل هذا وماوصل اليه ذاك وهو مكتوف اليدين بإرادته فلاهو عمل مثل هذا ولاهو وصل إلى ماوصل اليه ذاك بل ربما اخذ على عاتقه واشغل نفسه واذهب أيامه بتسفيه هذا والتقليل مما وصل اليه ذاك فلاهو ترك مالايعنيه ولاهو عمل بمايغنيه فأقرب مايوصف به بأنه من شرار الخلق والعياذ بالله .
والمهم ان يعلم الإنسان وأعني بالإنسان في هذه المقاله المسلم المؤمن ان ايام الشباب وماتلاها فرصة عظيمه لكسب الوقت وعدم التفريط فيه فما مضى منه لن يعود ويضع في ذهنه بأنه سيتزاحم عليه الشر والخير وكل منهما متاح قال الله تعالى(وهديناه النجدين) .
فالقوي الشديد من أخذ بالخير وترك الشر مهما كانت مغرياته وسهولة الوصول اليه ، فالنار محفوفة بالشهوات والملذات والجنة سلعة الله وسلعة الله غاليه وثمنها باهظ نسأل الله الجنه والسلامة من النار .
ويجب أن ننوه بأن المسلم المؤمن مسؤلياته وواجباته ومايعمله لاينحصرعلى نفسه ويتقمص كل شيء لها دون الاهتمام بما حوله فالمؤمن نفعه متعدي ويجب أن يكون للوطن الذي آواه ونشأ فوق أرضه وتحت سماه النصيب الأوفر من اهتماماته والعمل بمايستطع للذود عن حياضه وبذل الغالي والنفيس من أجل عزته وسؤدده ورفعته وحفظ العهد والالتزام بالبيعة التي في رقبته لقادة الوطن وولاة أمره فهذا لاشك من كمال الإيمان وعلو الهمه وتمام الرجوله وكما يقال وطن لانحميه لانستحق العيش فيه .
وفقنا الله جميعاً للطريق السوي السليم وللاستفادة من أيامنا واعوامنا لعزة ديننا ووطنناوقادتنا وانفسنا .
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه: بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٢/١٢/١٢للهجره
المشاهدات : 51094
التعليقات: 0