إن كانت هذه وحدها فهي كافية، فما بالك بأن كانت اثنتين.. سُئلت يومًا: من أكثر الناس قُبحا؟ فقلتُ دون تردد: إنه المنافق المتلوِّن التابع، صاحب المصلحة، وما أكثرهم هذه الأيام.. طبعا ليس للأيام علاقة بهم، ولكن ابتُلي بهم الوقت، كما نحن ابتُلينا.
من أبرز صفاتهم: العيش في المستنقعات، فلن تجد لديهم رغبة العيش في أجواء صحية تُطهِّرها الشمس، وإنما في الوحل والطين، وهي الوسيلة الوحيدة التى يستخدمونها في حال تنظيف أبدانهم مما عَلِق بها. ولن يُرهقك البحث لمعرفة ماذا يحمل من فكر؛ فكُل خبراته في الحياة “الاحتكاك”، وهذا ما يصفون به حالهم عند السؤال عن: من هم أعلى قدرًا وقدرة وأرفع شأنًا منهم؟ فليس لديهم ما يجعلهم يذهبون أبعد من ذلك؛ لعلمهم بأنهم اشخاص طفيليو المسلك، يقتاتون على من حولهم، لا يُقدموا شيئا لتفتقدهم. وإنما تجدهم في النوائب نائحة يشتم هذا ويرفع عقيرته على ذاك، مأجورين دون أجر أحيانا كثيرة، لكنهم يحسبونها مقدما (دفعة مقدمة)، فربما وجد مستنقعا أفضل يمارس فيه ابتزازَ أحد المغفلين أمثاله.
هذا النوع من الشخصيات لا تُظْهِر خوفا منه، كما عليك أيضا أن لا تتوجس منه كثيرا، فهو يعلم كما تعلم أنه “غبي”، ولكن لديه صفة أخرى فهو مُسلٍّ جدا، ووجوده يدعو للضحك واستحضار النكتة، وهذه تُحسب له عندما تشعر بحالة من الضجر أو التعب فعليك به.
البعضُ منهم تغشاه روح من التسامح المصطنع، وسرعان ما يظهر العكس عندما تسوء حالته المادية والنفسية، ويبدأ الشكوى من ظلم سيده. ولن يكتفى بعقله الفارغ، فقد يُجادلك دون معرفة أو معلومة، ويروى لك قصة أنت من سردها له قبل ساعات فقط، على أنه هو بطلها، وليته ماتَ كما يحدث في بعض الروايات، رحمة بنا وشفقة بمن يشاهده يوميا دون رحمة. قد نفتقده لسرٍّ وضع فيه لا يعلمه الكثيرون ممن يحيطون به، وهو قدرته الفائقة على استغفال نفسه، ومحاربتها، مع علمه بأنه إنسان كامل النمو فاقد الأهلية.. إن قابلت أحدهم، أو حكم عليك الزمان برؤيته، فالزم الصمت، وستجد إذاعات الغرب قبل الشرق تتحدَّث صوتا وصورة، مُتمثلة في صاحب الغفلة الذي يتحدث دهرا ولا ينطق إلا كفرا. هو سعيدٌ بما يُقال، ولن تجده متذمرا علانا. وفي الخفاء يبكى ندمًا.. لقد فات يوما لم يكذب فيه.
———————–
ومضة:
أن تختلف معي وتُظهر احترامًا، حينها يكون الاختلاف خيرًا لك ولى، من أن تتفق معي كذبًا ونفاقًا.