بسم ألله الرحمن الرحيم
يعيش الإنسان كما نعلم جميعاً أطوارحياته بشكل ربما لايتماثل فيه إثنان من حيث الظروف التي يمر بها وتمر به في كل أطوار ومنحنيات حياته عندما كان جنيناً ورضيعاً وطفلاً وشاباً ورجلاً وشيخاً وكهلاً وأصبح راعياً أوخادماً أوطالباً أومزارعاً أوتاجراً أوموظفاً أووزيراً أوأميراً فلكل إنسان سيرة وحكاية وقصة ورواية سواءّ عقلها واستفاد منها دروساً أكسبته حياة إيجابية في منظره ومخبره وسره وعلانيته عاش بهاحياة السعداء شاملة سعادة الروح وسعادة الجسد إذ من المسّلم به أنه لاسعادة حقيقية مالم يسعد بها الانسان بأكمله روحه وجسده معاً فسعادة الروح في نظافتها ونزاهتها وتدينها واخلاقها وطيبتها وحسن سيرتها الذاتية وعلو كعبهاعن سفاسف الامور وتأديتها الحقوق والواجبات تجاه الخالق تعالى وتجاه الخلق وسعادة الجسد معلومة بالضرورة بأن كل ماسبق مما يسعد الروح يكون له الاثر البالغ والواضح على الجسد وملامحه قال الله تعالى (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) الاية فالتدين يؤثر وعكسه كذلك بالإضافة الي المؤثرات الحسية الصحية والاجتماعية والمعيشية كالجدة ٍ والوفرة ٍ في المأكل والمشرب والملبس والمركب والمسكن والسكن والفقر والعوز والصحة والعافية والسقم والمرض والمد والبذل والصدقة والصلة والبخل والشح بإعتبارها مرتبطة بالجسد بين يد ٍ مبسوطة ويد ٍ مغلولة وبينهما الوسط .
أو بعكس هذا كله هوت به وألتوت سيرة وحكاية وقصة ورواية حياته الي حياة سلبية شقية قاتمة مميتة جانية أكبر جناية على الروح والجسد معاً فلا الروح زكية ولا توجهاتها سوية ولاهي راضية ولا مرضية مؤدية للهلاك والضياع وأتباع الرغبات بالإشباع يتبع نفسه هواها ولايردها عن مبتغاها ليس لديه حيلة وقدرته على مقاومة شرور النفس قليلة فيالها من نفس ٍ هزيلة وروح ذليلة لاتفرق بين الفضيلة والرذيلة وربما تفرق بين هذه وتلك نظرياً ولكن شيطان النفس أوهنها وجعلها ترى بمقلة ٍ معطوبة فتصور لها ماتراه بصورة مقلوبة وكما كان مع الروح السعيدة الجسد طيباً فكذلك الحال مع الروح الشقية الجسد يكون بنفس صفات الروح التي بداخله مهما شبع وارتوي وتعافا وأقتوى والمسكن له احتوى ومع الاهل والأولاد أنضوى وبالمال حصل على ماأراد وأهتوى فليس لهذا المخلوق نصيب من السعادة الجسدية والروحية قال الله تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)الاية
فالطريق الصحيح واضح وجلي لايخفى على ذي عقل وبصيرةوالطريق الآخركذلك والإنسان مخيّر بينهما فإما سابق بالخيرات فمسعد نفسه وإما ظالم لنفسه فموبقها اويغفر الله له وإما مقتصد بين هذا وذاك فيحاسب حساباً يسيراً قال الله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هوالفضل الكبير) الاية وقال تعالى(وهديناه النجدين) الاية وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال( الكيس من دان نفسه وعمل لمابعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني)
وقال الشاعر :
والنفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم ِ
وقال آخر :
يعيش المرء مااستحيا بخير ٍ
ويبقى العود مابقي اللحاء ُ
ولاشك ان بيت القصيد في الحياء من الله تعالى حق الحياء فهو الهدف الأسمى ومن ثم الحياء من شهود الله في أرضه فلا تخفى خافية ولكل أثر قافية فلنحذر جميعاً من أن تسفى علينا السافية نسأل الله تعالى العافية .
وللأيام صدى القريب منها والبعيد عاشها كل أنسان فهي تاريخ حياته وقصته مع أحداث ذلك التاريخ خاصة به هو لايشاركه فيها أحد وبمعنى أقرب كل منا كتب قصة حياته بعقله وتفكيره ولسانه ويده وجده واجتهاده وعجزه وكسله ولامبالاته منذ كان شاباً يافعاً ومطرداً مع مراحل العمر مع تباين باين بين الناس في تسطير ورسم الخط البياني للعيش في هذه الحياة والذي يتراوح بين نجاح وتعثر وفشل مع تفاوت في العزيمة بالإستمرار في النجاح ومقاومة التعثر والنهوض منه أومهادنته والتآلف معه وتحدي الفشل والإنتصارعليه أوالخور والعجز والركون إليه والإستسلام له
كل هذا حاصل وواقع ومشاهد على مر العقود التي يعيشها الإنسان ومن الإنصاف عدم إغفال وجود بعض المعوقات للنجاح عند البعض وعدم وجودها عند آخرين وتوفر عناصره وأسبابه عندهم ، وكذلك التعثر والفشل لهما من الأسباب والمسببات مالهما ، ومع الإيمان الراسخ والخالص بأن كل ذلك بأمر الله وتدبيره وتقديره إلا أنه سبحانه وتعالى جعل للإنسان دور في العمل والجد والاجتهاد وأن لكل مجتهد نصيب ولهذا يحصل التفاوت بين الناس بالنجاح والفشل وبسعة الرزق وتقديره وتسخيرالله تعالى بعض الناس لخدمة بعض فهناك الخادم والمخدوم والرئيس والمرؤوس والقوي والضعيف والغني والفقير وقد يتقلّب الإنسان بين هذه وتلك فكم رأينا راعياً أصبح وزيراً وخادماً كاد يكون أميراً بحكمة وتقدير العزيز العليم ، فلا يركن الإنسان الي وضع ٍ يأمل بأحسن منه فعليه السعي وعلى الله التوفيق وتحقيق الأمل والحلم فليس هناك شيء حكرعلى هذا دون ذاك فالفرص متساوية للجميع والاختلاف ربما بجدية السعي للوصول للهدف وتجاوز العقبات وعدم الالتفات للمعوقات ، هذا ولله الأمر من قبل ومن بعد
والحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بقلم/بقيش سليمان الشعباني
الخرج ١٤٤٤/٤/٢٦هجرية